الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،
فالجواب أن الهبة أو الهدية مما تعارف عليها الناس من الأقارب والأباعد وقد حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله فيما رواه أبوهريرة رضي الله عنه:” تَهادَوا تحابُّوا”([1]) ولما سألته عائشة رضي الله عنها أنَ لها جارينِ فإلى أيِّهما أُهْدِي ؟ قال :” إلى أقربهما منكَ بابًا”([2]).
والغالب في الهبة الإطلاق بمعنى أن المهدي أو الواهب لا يقيد هديته لأن الباعث لها المحبة وحسن العلاقة،ومن شروط قبول الهدية أن تكون مشروعة بمعنى أنه لا يجوز الهدية إذا كانت من شيء محرم كالخمر ونحوه.
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت بأن أخيها قد أهداها هدية ثم طلب إعادتها بسبب شجاز وخلاف بينهما والسؤال عما إذا كان يجوز الرجوع عن هديته، والجواب أن عامة أهل العلم يرون أنه لا يجوز للواهب الرجوع في هبته([3]) والأصل في هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:” العائدُ في هِبَتِهِ كالعائدِ في قَيْئِهِ”([4]).
فالحاصل جوابا على السؤال أنه لا يجوز للأخ الرجوع عن هبته. ويستثنى من ذلك رجوع الوالد عن هبته لولده لما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لاَ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا إِلاَّ الوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ”([5]).
والله تعالى أعلم
[1] أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (594)، وأبو يعلى (6148)، والبيهقي (12297). قال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (4/77): لم يصِحَّ. وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/117): يُروى من طرقٍ. وجَوَّد إسناده العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/53)، وحَسَّن إسناده ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/1047)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (6/100): اختُلِفَ فيه على ضمام. وحَسَّن الحديث الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) (594).
[2] أخرجه البخاري (2259).
[3] ((المبسوط)) للسرخسي (12/49)، ((الهداية)) للمرغيناني (3/226). ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/110)، ((منح الجليل)) لعليش (8/205، 206). ((روضة الطالبين)) للنووي (5/379)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (6/313)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (2/403). ويُنظر: ((الحاوي الكبير)) للماوردي (7/547). ((المبدع)) لابن مفلح (5/289)، ((الإنصاف)) للمرداوي (7/110)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (4/313). ((المحلى)) (8/71).
[4] أخرجه البخاري(2621 )، ومسلم (1622).
[5] رواه الترمذي في ” الجامع الصحيح ” (2132) وقال : حسن صحيح . وصححه ابن عبد البر في ” الاستذكار ” (6/244)، وابن حجر في ” فتح الباري ” (5/251)، وصححه الألباني في ” إرواء الغليل ” برقم : (1624) .