الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالأصل أن تكون الرقية مباشرة بين الراقي والمرقي دون حائل، هذا هو الأصل، وفي حديث عائشة -رضي الله عنها- “أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرقي نفسه فينفث في يده ويمسح بها موطن الألم”([1])، فإن تعذرت الرقية مباشرة لبعد الراقي مثلًا عن المرقي، أو وجود عائق يمنع مباشرة الرقية فلا بأس من ذلك إن شاء الله، فالهاتف وسيلة مأمونة ينتقل منه الكلام دون زيادة أو نقصان، هذا إذا تعذرت المباشرة بين الراقي والمرقي، أما إذا لم يكن هناك حائل، فالأصل أن تكون الرقية مباشرة، والمهم أن يكون الراقي محتسبًا للأجر، صالحًا في دينه، فقبول الرقية بما فيها من الأدعية مرهون بصلاح الراقي ونيته في الرقية.
وهناك أمر ينبغي التنبيه عليه، وهو أهمية رقية العبد بنفسه والدعاء إلى الله أن يشفيه مما يشكو منه، فهذه الرقية مشروعة، وقد أبلغ الله -عز وجل- نبيه ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمته أنه يستجيب دعوة الداعي إذا دعاه، قال -عز ذكره-: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186].
والحاصل: أن الأفضل أن تكون الرقية مباشرة بين الراقي والمرقي، ولا يمنع من كونها بالهاتف. والله -تعالى- أعلم.
([1]) أخرجه البخاري، كتاب: المغازي، باب: مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، برقم: (4439)، (6/11)، ومسلم، كتاب: السلام، برقم: (2192)، (7/16).