سؤال من الأخت ح.س. من الجزائر، يقول: ما حكم خدمة الأخت لأخيها بعد وفاة الوالدين، وخاصة لو أن الأخ له ظروف خاصة، كإعاقة بصرية؟

خدمة الأخت لأخيها

     الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

 فقد عظم الله أمر الرحم وبرها، فقال -جل في علاه-: (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)(النساء:1) وأثنى الله -عز ذكره- على الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل، فقال: (الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)(الرعد:21)، كما عظم –تقدس اسمه– قطيعة الرحم فقال: (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(الرعد:25)، وقال -جل في علاه-: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ)(محمد:22-23)،هذا في كتاب الله، أمّا في سنة رسوله محمد – صلى الله عليه وسلم – فالأحاديث في صلة الرحم وبرها كثيرة، منها: قوله -عليه الصلاة والسلام-:( من كان يؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلْيُكْرِمْ ضَيفَه، ومَن كان يؤمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرِ فلْيَصِلْ رَحِمَه، ومن كان يؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فلْيَقُلْ خَيرًا أو لِيَصمُتْ )([1]) ومنها قوله -عليه الصلاة والسلام-: ( إنَّ الله خلَقَ الخَلْقَ، حتى إذا فرَغَ مِن خَلْقِه، قالت الرَّحِمُ: هذا مقامُ العائِذِ بك مِنَ القَطيعةِ، قال: نَعَمْ، أمَا تَرضَينَ أن أصِلَ مَن وصلَكِ، وأقطَعَ مَن قَطَعَكِ؟ قالت: بلى، يا رَبِّ. قال: فهو لَكِ. قالَ أبو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]. [وفي رواية]: قالَ رَسولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: واقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ}”([2]) ومن الأحاديث ما رواه أبوهريرة -رضي الله عنه- أنَّ رَجُلًا قال: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ لي قرابةً أصِلُهم ويَقطَعوني، وأُحسِنُ إليهم ويُسيئونَ إليَّ، وأحلُمُ عنهم ويَجهَلونَ عليَّ، فقال: “لئِنْ كُنتَ كما قُلتَ، فكأنَّما تُسِفُّهمُ المَلَّ ، ولا يزالُ معك مِنَ اللهِ ظَهيرٌ عليهم ما دُمتَ على ذلك)([3]).

   هذا في العموم، أما عن سؤال الأخت عن خدمة أخيها، فهذه الخدمة من صلة الرحم التي قضت بها الآيات والأحاديث، وللأخت الأجر المضاعف، إن شاء الله، في خدمة أخيها المعاق بصريًّا؛ وفي هذا قال الله -عز وجل-:(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(النحل:97). والله-تعالى-أعلم.

[1] رواه البخاري (6138).

[2] أخرجه البخاري (4830)، ومسلم (2554).

[3] أخرجه مسلم (2558).