سؤال من الأخت ح.ت. من الجزائر، يقول: عندي سؤال من فضلكم حول الحجاب، هو أن الوالدين والمجتمع ككل يرفضه، ليس لأنه لا يحل أو غير ذلك، فهو بالعكس مذكور في كتاب الله . لكنهم ينظرون لرؤية الناس والاختلاف الذي يكون بينك وبينهم، ويقولون من الأحسن أنك تلبسي مثل غيرك. أنت تلفتين الانتباه لنفسك فقط، وأنا أرى أن الأخريات هن من يجب أن يقتدين بنا، ويجب أن لا نرضي الناس على حساب أنفسنا. هم يقولون النقاب للمرأة المتزوجة فقط، وليس لغير المتزوجات، ما قولكم -من فضلكم- في هذه المسألة ؟

حجاب المرأة

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين.  أما بعد :

     فإن الله  -عز وجل- لما أوجب الحجاب على النساء كان ذلك تكريمًا لهن، خلاف ما كانت عليه الحال في الجاهلية من التبذل وعدم الستر؛ مما جعلهن عرضة للامتهان، فكان الحجاب للمرأة تكريمًا وتطهيرًا وحفظًا لها، عندما كانت في حال تقتل فيها لمجرد أنها امرأة. والأصل في تحريم التبرج الكتاب والسنة، أما الكتاب فقول الله -تعالى-:(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا  وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ  وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ الآية)(النور:31). وأما السنة فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا يقبل الله من امرأة صلاة خرجت إلى المسجد وريحها تعصف حتى ترجع فتغتسل)([1]). وفي حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في المسجد، إذ دخلت امرأة من مزينة ترفل في زينة لها في المسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، انهوا نساءكم عن لبس الزينة، والتبختر في المسجد، فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبس نساؤهم الزينة، وتبخترن في المساجد)([2]).

     فالحجاب لباس يستر المرأة، ويصرف عنها طمع من في قلبه مرض، وقد امتن الله على عباده بهذا اللباس؛ تكريمًا لهم من مشابهة الحيوان، فجعل ذلك من آياته  فقال -عز ذكره -: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا  وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ  ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(الأعراف:26). 

  ولاشك في أن المرأة إذا تخلت عن حجابها فكشفت عن شعرها وصدرها ومفاتنها كان ذلك تبرجًا يتعارض مع نهي الله ورسوله لها عنه، بل هو عصيان له -عز وجل- وهو الحكيم العليم بعباده وما ينفعهم وما يضرهم في دينهم ودنياهم .

  وأما القول بأن الأفضل أن تلبس المرأة مثل غيرها، أي تفعل مثل ما يفعله غيرها من عدم الحجاب فهذا قول خاطئ؛ فالمسلمة  يجب أن لا تكون مقلدة أو تابعة لمن لا ينتهي عما نهى الله عنه، فالواجب رضا الله وعدم سخطه، والأصل فيه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله -تعالى- عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس )([3]).

  والأخت في السؤال حريصة على معرفة ما يجب عليها من الحجاب، فهذا مثال المرأة المسلمة، والله -عز وجل- يحب من عباده من يتمسك بدينه ويسير على الطرق المستقيم، كما قال -عز ذكره -(وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ  وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)(الأنعام:153)،  أي أمركم بهذا الاتباع .

   وحاصل القول وجوب التمسك بالحجاب، وعدم إظهار المرأة لزينتها ومفاتنها؛ لأن ذلك مما حرمه الله ورسوله .

[1] – أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ج3ص92 والبيهقي في السنن الكبرى ج3ص191.

[2] – أخرجه ابن ماجه برقم (4001).

[3] – أخرجه الترمذي برقم (276).