الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فإذا كانت الأخت تشعر بالضيق من صديقاتها فهن في الحقيقة لسن بصديقات؛ لأن الصداقة تعني المودة والمحبة والعلاقة الحسنة، وكرهها لهن في السر، ومصادقتهن في الظاهر قد يكون نوعًا من النفاق الذي يأثم فيه العبد، فالمسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره، كما قال ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «المسلِمُ أخُو المسلِمِ، لا يَظلِمُهُ، ولا يَخذُلُهُ، ولا يَحقِرُهُ»([1]).
وهذا يوجب عليه محبة أخيه، وعدم معاداته، أو كرهِهِ، أو احتقارِهِ، أو بَخْسِهِ حقَّه، والحب يجب أن يكون في الله، والبغض فيه؛ كما قال ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاث مَن كنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: مَن كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف في النار»([2])، وقال: «أَوْثَقُ عُرَى الإيمان الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله-عز وجل-»([3]).
وما تتعرض له الأخت في علاقتها مع صديقاتها يُعَدُّ من وساوس الشيطان، وإضلاله للعبد، وبث الفرقة والشقاق بينه وبين الآخرين، وقد حكى الله -عز وجل- عن ضلال الشيطان في قوله: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ﴾ (النساء: 119).
والحاصل: أن على الأخت في السؤال أن تبتعد عن صديقاتها إذا كانت تكرههن، فهذا الابتعاد أفضل لها من مصادقتهن في الظاهر، وكرهها لهن في السر. والله تعالى أعلم.
[1] أخرجه البخاري (6064)، ومسلم (2564).
[2] رواه البخاري (16)، ومسلم (43)، واللفظ له.
[3] رواه الطبراني في الكبير، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2539).