الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فظاهر سؤال الأخت أنها تحضر المسابقة للشهادة العليا، وقد نصحتها بعض صديقاتها أن تهتم بالعلم الشرعي وليس لهذه المسابقة، وتسأل عن صحة هذا القول .
والجواب أن العلم مما علمه الله للإنسان، فقال -جل في علاه- (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)(العلق:5). كما بيّن الله للإنسان فضل العلم وشرفه، فقال -عز ذكره- (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)(الزمر:9). والمراد أنهم لا يستوون؛ لأن الجهل مغاير لطبيعة الإنسان وكينونته بل مغاير لوجوده، والعلم الشرعي أفضل العلوم بلا شك؛ وذلك لكونه يحكم سلوك الإنسان في علاقته بخالقه، وما يجب عليه في الحياة الدنيا، كما يحكم سلوكه بأخيه الإنسان، والفارق بين المؤمنين وخلافهم أن المؤمنين يعملون ويتمسكون بما جاءهم من خالقهم في أمر دنياهم وأخراهم، وذلك خلاف ضدهم الذين لا يؤمنون بما جاءهم .
وفضل العلم الشرعي لا ينفي أهمية العلم الآخر، أو ما يسمى العلم الدنيوي، فنبي الله نوح -عليه السلام- نبي من أنبياء الله صنع السفينة وداود -عليه السلام- نبي من أنبياء الله صنع لباس الحرب، وإدريس -عليه السلام- نبي من أنبياء الله كان نجارًا، ونبينا ورسولنا محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- كان يرعى الغنم، فالعلم في اسمه المطلق لا ينافي العلم الشرعي مادام أنه لا يتعارض معه، فالطب والهندسة والآداب والصيدلة وما في حكمها علوم، وهذه العلوم تعد شرعية إذا لم يكن فيها ما يغاير شرع الله، بل هي علوم مندوبة ومطلوبة.
هذا في عموم المسألة بإيجاز، وأما سؤال الأخت فالأمر يتعلق بها، فإن كانت تميل في العلم الشرعي فهو خير، وإن كانت تميل إلى علم آخر فلها ذلك، هذا الأمر يتعلق بإرادتها وميولها، فإذا كانت تميل إلى أحد من العلوم فلها ذلك، ولا تلتفت إلى قول أحد. المهم أن يكون هذا العلم مشروعًا ليس فيه ما يغاير شرع الله.
والله تعالى أعلم.