الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد،،
فقراءة الحائض للقرآن الكريم مما اختلف فيه الفقهاء-رحمهم الله-، فذهب الجمهور من الحنفية([1]) والشافعية([2]) والحنابلة([3]) إلى تحريم قراءة القرآن للحائض، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز قراءتها للقرآن الكريم، وهو مذهب الإمام مالك([4])، والشافعي في القديم([5])، ورواية عن الإمام أحمد([6])، والظاهرية([7])، وشيخ الإسلام ابن تيمية([8]).
ولكل من هذين الفريقين استدلاله بالجواز وعدمه، والراجح-والله أعلم-عدم جواز قراءة الحائض للقرآن الكريم؛ للأدلة المتعددة:
ومنها: أن الإسلام طهارة، وفي هذا قال الله-عز وجل-لنبيه ورسوله محمد-صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ (المدثر: 4).
ومنها: قوله-جل في علاه-: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ (البقرة: 222).
ومنها: قوله-تقدس اسمه-: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة: 77-79).
ومن الأدلة على منع الحائض من قراءة القرآن الكريم: قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيما روته-عائشة-رضي الله عنها-: «إني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب»([9]).
فالحاصل: أن الرأي الراجح-والله أعلم-أنه لا يجوز للحائض قراءة الكريم حتى تطهر . والله-تعالى-أعلم.
[1] – حاشية ابن عابدين 1/159.
[2] – المجموع للنووي 1/356.
[3] – كشاف القناع 1/147، والمغني 3/461.
[4] – الذخيرة للقرافي 1/379، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 25.
[5] – المجموع للنووي 1/356، وروضة الطالبين للنووي 1/86
[6] -الإنصاف للمرداوي 1/249 .
[7] – المحلى 1/94.
[8] – الاختيارات الفقهية ص 27 .
[9] – أخرجه أبو داود برقم (232) وابن خزيمه برقم (1327)، والبيهقي في السنن الكبرى برقم (4495)، حسن إسناده شعيب الأرنؤوط في تخريج سنن أبي داود، (٢٣٢).