الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فقد وصف الله -عز وجل- عقد الزواج بالميثاق الغليظ، فقال : (وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ، وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)(النساء:20-21)، كما وصف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزوجة مع زوجها بالأسيرة فقال:” أَلا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ”([1])،أي أسيرات، فالميثاق عقد، وقد عظمه الله في علاقة الزوج بزوجته،والزوج حين استحل ما يترتب على هذا العقد من نكاح وغيره يعد مكلفًا بالوفاء بحقوق زوجته، وأهم هذه الحقوق المعاشرة بالمعروف والنفقة بما تشمله من طعام وشراب وكساء وعلاج، وفي ذلك قال الله -عز وجل-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)(النساء:18)،وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” دِينارٌ أنْفَقْتَهُ في سَبيلِ اللهِ ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ في رَقَبَةٍ، ودِينارٌ تَصَدَّقْتَ به علَى مِسْكِينٍ، ودِينارٌ أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ، أعْظَمُها أجْرًا الذي أنْفَقْتَهُ علَى أهْلِكَ”([2])،فلا يجوز شرعًا ولا عقلًا أن يرى الزوج زوجته تئن من المرض ويعرض عنها وهي أسيرة عنده، ناهيك بأنها أم ولده، وشريكته في سرائه وضرائه.
فالحاصل أن على الزوج نفقة زوجته، فإذا قصر في ذلك جاز لها أن تأخذ من ماله ما يكفيها؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهند بنت عتبة زوجة أبي سفيان:” خُذي ما يَكفيكِ وولدَكِ بالمعروفِ”([3]).
[1] رواه الترمذي( 1163) وابن ماجة ( 1851).
[2] رواه مسلم برقم(995).
[3] أخرجه البخاري (3825)، ومسلم (1714).