سؤال من الأخت ج.ل من الأردن، تقول: لو سمحتم هل لنا بفتوى -بارك الله- فيكم: امرأة أنجبت ثلاثة أولاد بعملية قيصرية، وآخر ولادة لها من خمسة شهور، وقدر ربنا أنها تحمل، والحمل جديد وعمليتها لم تشف بعد، هل لها أن تجهض قبل أن يظهر نبض الجنين؛ للخطورة على صحتها.. أرجو إفادتنا وجزاكم الله خيرًا.

حكم إجهاض الحمل لوجود خطر على صحة الأم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن الإجهاض ليس بالأمر الهين؛ لما فيه من الإثم العظيم إذا كان دون سبب مشروع، وقد ازدادت الجرأة فيه؛ بسبب ما يحدث من تساهل الأطباء فيه، كما لو كان مجرد فعل لا تدرك آثاره خلقيًّا وصحيًّا.

 وفي سؤال الأخت، للإجهاض ثلاث حالات:

الحالة الأولى: إذا كان الحمل قد بلغ أربعين يومًا، فهذا يمكن إسقاطه إذا كانت هناك حاجة تدعو إليه، ومن ذلك كثرة الولد وعدم القدرة على تربيتهم، مع أنه يؤخذ على هذا الخشية من الفقر، كما كان الأمر في الجاهلية، مع أن الله -عز وجل- تكفل بما يخلق في قوله -عز ذكره-: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا) (هود:6)، فالإسقاط هنا ينبغي أن يكون بسبب الحاجة، أو مرض الأم وعدم قدرتها على تتابع الحمل.

الحالة الثانية: أما إذا بلغ الحمل ثمانين يومًا فلا يجوز إسقاطه إلا بعذر واضح، كمرض الأم مرضًا شديدًا لا تستطيع معه الاستمرار في الحمل.

الحالة الثالثة: أما إذا بلغ الشهر الرابع (مائة وعشرين يومًا) فلا يجوز أبدًا إسقاطه؛ لأن الروح قد نفخت فيه فأصبح انسانًا؛ مما يوجب على الأم الصبر عليه؛ لأن الحمل كره كما قال -عز وجل-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ) (الأحقاف:15)، وفي صبر الأم عليه إلى حين ولادته أجر عظيم. أما إذا لم تستطع بسبب مرضها، وأن هناك خوفًا على حياتها فيجوز حينئذ إسقاطه للضرورة. المهم أن تكون الضرورة القصوى هي الموجب للإسقاط.

فالحاصل: جواز إسقاط الحمل خلال الأربعين يومًا من الحمل إذا كانت هناك حاجة، وكما يجوز إسقاطه في الأربعين الثانية إذا كانت الحاجة شديدة، أما بعد بلوغ الحمل الشهر الرابع فقد نفخت فيه الروح، فيجب على الأم أن تصبر وتحتسب الأجر في حمله حتى ولادته، إلا في حالة مرضها مرضًا فيه خطر على حياتها وقرر ذلك الأطباء المختصون.

والله -تعالى- أعلم.