سؤال من الأخت ث.ي.من الجزائر، تقول: أريد الحكم الشرعي لكيفية التعامل واتخاذ الزوج قرارًا لكي لا يظلم زوجته أو أمه وأخته، فالزوجة تسكن معهم، لكن المشكلة الآن أنهاأصبحت لا تستطيع العيش، ومقاومة ظروف العيش مع أهله، بحكم أن أم الزوج تعاني من أمراض عصبية وأوهام و وساوس عديدة، خاصة على الأكل والشرب والطبخ،فهي تقول للزوجة: ماذا فعلت لي في الأكل؟ وأخت الزوج تقول لها: إذا قدر ربي وتوفي زوجك فسنطردك من الدار..وهي ليس لديها ذرية ؟ 2-سؤال من الأخت (نفسها) من الجزائر، تقول: هل يجوز للزوج إيجاد سكن لزوجته، علمًا بأن الأب متوفى، ولا يريد ترك أهله، حتى الزوجة لا تريد أن تتركهم وحدهم، وفي الوقت نفسه لا تستطيع التحمل، وهل تطلب الطلاق ؟ أرجوكم أفيدوني، وأجركم على الله. هكذا ورد السؤالان .

سؤالان حول تعامل زوجة الولد مع أهله وإيجاد سكن لزوجته

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا و رسولنا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،

 أما بعد : 

فالأخت  صاحبة السؤال تشكو من معاملة أهل زوجها لها، وأن الزوج لا يوجد مسكنًا لها،  وهو لا يريد ترك أهله، وهي أيضًا لا تريد أن يترك أهله كذلك .

الجواب هذه من القضايا التي غالبًا ما توجد في اجتماع الزوج وزوجته مع أهله في سكن واحد، ففي الماضي، في غالب البلاد الإسلامية كان الاجتماع مرغوبًا فيه من الأهل وزوجات أولادهم؛ لاعتبارات كثيرة: اقتصادية واجتماعية ودينية،  ومع تغير الأحوال أصبحت زوجة الولد تريد أن  تستقل عن أهله، ومن هنا تنشأ المشكلات بين الزوج وزوجته، وربما بينه وبين أهله، وقد يحدث الطلاق نتيجة  سوء التفاهم بين  هذه الأطراف .

 والأمر في هذا من وجهين :  الأول : إن كان الزوج قد التزم لزوجته بسكن مستقل عن أهله، فالواجب  الوفاء بهذا الالتزام؛ لأنه نتيجة عقد سماه الله ميثاقًا غليظًا في  قوله  -عز ذكره-  : ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)(النساء:21). وقوله -تقدس اسمه- : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة:1). وقوله : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)(الإسراء:34). الوجه الثاني :  إذا لم يكن  على الزوج التزام  بإيجاد سكن لزوجته فليس لها إلا ما يختار لها حسب قدرته؛ لقول الله -تعالى- : (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا )(الطلاق:7).

هذا  في العموم، وظاهر المسألة أن الزوج لا يريد أن يترك أهله وهي كذلك لا تريد منه أن يتركهم،  فالواجب حينئذ أن يتفاهم الزوج مع زوجته  ومع أهله فيما يوجد المحبة بينهم، ويزيل عنهم الشقاق والاختلاف والبعد عن الافتراق.  ولا تعالج مشكلات الأسرة  إلا بالصبر والتحمل وابتغاء الأجر،  والشعور بأن العلاقة بين الزوجين علاقة مودة ورحمة وسكينة، كما قال -عز وجل- : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)(الروم:21). فيجب في الأمور التي أشارت إليها الأخت في رسالتيها  التسامح والصبر، فذلك خير لها ولزوجها  وأهله .