الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فظاهر السؤال عن صيام الزوجة صيام التطوع.
والجواب: إنه لا خلاف بين العلماء في حق الزوجة في صيام النوافل بعد إذن زوجها؛ لأن حقه عليها فرض عين و حقها في النوافل مقيد بإذنه، والفرض مقدم على النفل، هذا هو الأصل([1]) ولكن الزوج قد يستغل هذا الحق فيمنعها من دون سبب في عبادتها التي ترجو منها رضاء ربها.
ولعل الواجب في هذه الأحوال التي تتداخل وتختلف فيها رغبات الزوج وزوجته أن يتم الاتفاق بينهما، فتستأذن الزوجة زوجها في الصيام كصيام عشرة ذي الحجة مثلًا، وصيام ستة أيام من شوال بعد ما تؤدي حقه عليها. وهكذا في مختلف النوافل، وعلى الزوج أن لا يمنعها من ذلك في إطار حسن المعاشرة بالمعروف.
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت فطالما أن زوجها لم يمنعها من الصيام فصيامها صحيح -إن شاء الله-.
والله -تعالى- أعلم
[1] ويكره أن تصوم المرأة تطوعًا بغير إذن زوجها إلا أن يكون مريضًا أو صائمًا أو محرمًا للحج والعمرة (الجوهرة النيرة على مختصر القدوري لأبي العبادي ج1 ص 144)، وقال الأمام مالك:” أن ذلك يختلف من الرجال من يحتاج إلى أهله، وتعلم المرأة أن ذلك من شأنه فلا أحب أن تصوم إلا أن تستأذنه، ومنهم من تعلم أنه لا حاجة له فيها، فلا بأس بأن تصوم”( المدونة الكبرى ج1 ص279)، وعند الشافعية قال الرملي: ” إنما لم يجز صومها بغير إذنه مع حضوره؛ نظرًا لجواز إفساده عليها” ( تحفة المحتاج ج3 ص 461)و سئل شيخ الإسلام -رحمه الله- عن رجل له زوجة تصوم النهار وتقوم الليل وكلما دعاها الرجل إلى فراشه تأبى عليه، وتقدم صلاة الليل وصيام النهار على طاعة الزوج: فهل يجوز ذلك؟ فأجاب: لا يحل لها ذلك باتفاق المسلمين، بل يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى الفراش، وذلك فرض واجب عليها. وأما قيام الليل وصيام النهار فتطوع: فكيف تقدم مؤمنة النافلة على الفريضة، حتى قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: { لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه } مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ج32 ص 275.