سؤال من الأخت ت.ر. من الجزائر تقول: ثلاثة أشخاص شركاء في مشروع تجاري، اثنان منهم يعملان بجد والثالث لا يعمل…كيف تقسم هنا الأرباح؟

كيف تقسم أرباح الشركة وأحد الشركاء مهمل في عمله

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالشراكة عقد لازم للمتشاركين، يحكمها عقدهم ونيتهم في العمل لصالحهم وصالح الغرض الذي أسسوا شركتهم من أجله، فالأصل في مشروعيتها كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ أما الكتاب فقول الله – تعالى-: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} [ص: ٢٤]، وقوله -عز ذكره- في مسألة الميراث: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢]، أما في السنة، فقد ورد في الحديث القدسي: (إِنَّ اللهَ – تعالى- يَقُولُ: أنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَينِ مَا لَمْ يَخُنْ أحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْتُ مِنْ بَينِهِمَا”([1])؛ فالشراكة في العمل وفي الزراعة والصناعة، وفي كل أمر خيري مما يدعو إليه الإسلام، فهذا الدين دين تعاون وتجارة بين المؤمنين؛ لما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وقد عرفت أمة المسلمين هذا التشارك فكانت شركة العنان وشركة الوجوه وشركة الأبدان وشركة الحيوان، ويقاس على هذا إنشاء أي شركة ذات منافع لأصحابها وأمتهم.

هذا في العموم، أما عن سؤال الأخت، فالمفترض أنهم تعاقدوا على أن يعملوا كلهم من أجل نجاح الشركة، أو أنهم فوضوا أحدهم للقيام بهذا العمل، مقابل أجر له ونحو ذلك مما هو معتاد في عقود الشركات، فإن كان الثلاثة قد اتفقوا بينهم على العمل معًا ولكن أحدهم تخلف عن العمل، فالأصل أنه لا يستحق شيئًا من أرباح الشركة؛ لأن الغنم بالغرم ولا يحل لأحد أن يستغل جهد أخيه بغير حق، فالجهد بمثابة المال، ولا يحل لأحد أن يأكل مال أخيه بالباطل؛ لقول الله -عز وجل-: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨]، أما إن كان الشريكان قد رضيا أن يكون شريكهما الثالث معفوًّا من العمل، فالأمر يرجع إليهما، المهم أن يكونوا متوافقين على ما يخدم شركتهم، وعدم استغلال بعضهم بعضًا أو خيانة بعضهم بعضًا؛ فهذا يبطل شراكتهم ويفسد عملهم وأموالهم.

 فالحاصل أن الأمر في الشركة يرجع إلى اتفاقهم وتراضيهم، على أساس أن الشركاء في الشركة يتساوون في الجهد والعمل والربح والخسارة، فلا يبغي بعضهم على بعض ولا يخون بعضهم بعضًا ولا يستغل بعضهم بعضًا.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] رواه أبو داود(3383)، صححه السيوطي في الجامع الصغير، (١٩١٨).