الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فلباس الشهرة مما تمقته الأنفس؛ لما فيه من الخيلاء وابتغاء العلو والاشتهار، والأصل في ثوب الشهرة قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” من لبس ثوبَ شهرةٍ ألبسَه اللهُ يومَ القيامةِ ثوبًا مثلَه ثم تلهبُ فيه النارُ “، وفي لفظٍ” مَن لَبِسَ ثوبَ شُهرةٍ في الدُّنيا، ألْبَسَهُ اللهُ ثوبَ مَذلَّةٍ يومَ القيامةِ”([1]). وما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- مرفوعًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-” أنه نهى عن الشهرتين ، فقيل يا رسول الله، وما الشهرتان ؟ قال : رقة الثياب وغلظها ، ولينها وخشونتها ، وطولها وقصرها ، ولكن سدادًا بين ذلك واقتصادًا “([2])
والفاصل بين ما يعد من ثياب الشهرة وما لا يعد منها النية لدى من يلبس هذه الثياب؛ فإن كانت نيته ابتغاء الاشتهار والتعالي على غيره فيعد لباسه لباس شهرة، أما إن كان مراده غير ذلك فلا يشمله الإثم، ولأن النية خفية، يجب على العبد أن يلبس مثل ما يلبسه الناس، وأن يبتعد عن كل لباس فيه شبهة، سواء في لباس أو نحوه، فيلبس ما يلبس الناس؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ” إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ”([3]).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت، فإن كان الجلباب الملون يغاير كثيرًا ما تلبسه أخواتها فالأفضل تركه.
والله -تعالى- أعلم.
[1] أخرجه أبو داود (4029) واللفظ له، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (9560)، وابن ماجه (3607)، وأحمد (5664). واللفظ أخرجه أبو داود (4030) وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم(4029 و 4030).
[2] بحث في نص الكتاب معلومات عن الكتاب ج2 ص 162.
[3] أخرجه البخاري برقم (52) ومسلم برقم(2732).