الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فظاهر السؤال أن الأخت مريضة ولديها بطاقة تسمى(بطاقة الشفاء) تيسر لها الحصول على الدواء لمرضها، كما أن إخوتها يشترون لها الدواء وهم لا يعلمون شيئًا عن هذه البطاقة، فتستعمل الدواء الذي يوفره لها إخوتها وتسترد مبلغ البطاقة من الصيدلية.
ومن حيث العموم لا يجوز هذا العمل، وكان عليها أن تستعمل واحدة من هاتين الوسيلتين، وأما الدواء الذي يشتريه لها إخوتها ولا تستعمل البطاقة أو تستعملها وتبلغ إخوتها عن ذلك لكي يتوقفوا عن شراء الدواء لها.
هذا من حيث العموم، أما الجواب عن السؤال، فالمهم في المقام الأول أن تتوقف عن هذا العمل، فتختار إحدى الوسيلتين لدواء مرضها، فتكتفي بالدواء الذي يشتريه لها إخوتها وترد البطاقة إلى الجهة التي أصدرتها، أو تكتفي بالبطاقة وتخبر إخوتها عن هذه البطاقة؛ حتى يتوقفوا عن شراء الدواء لها.
أما السؤال عن المال الذي حصلت عليه من البطاقة، فالأصل عدم جوازه؛ لقول الله -عز وجل-: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188].
والأصل أن ترد المبلغ أو المبالغ التي حصلت عليها من البطاقة واختلطت بمالها مدة طويلة، وقد يكون هذا مما يصعب حصره، فلعلها أن تستغفر الله من هذا العمل، وتتصدق بشيء من مالها مما تقدر عليه للمستحقين من الفقراء والمساكين والأيتام.
والله -عز وجل- يقبل توبة عباده واستغفارهم؛ كما قال -جل في علاه-: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: 25]، وقال-عز ذكره-: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 110] وقال -تقدس اسمه-: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].
فنسأل الله أن يغفر للأخت، ويغفر لنا جميع ذنوبنا. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله -تعالى- أعلم.