سؤال من الأخت “المرشدة الدينية” من الجزائر، تقول فيه: سائلة تقول: مدمنة على سجائر من الورق دون التبغ، و زوجي يعلم بذلك، و يرى أنه لا حرج علي ما دامت ليست سجائر حقيقية، لكن هي تؤثر في صحتي، و أشعر أنها أهلكتني. هل هذا حرام؟.

حكم التدخين بسجائر من الورق دون التبغ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر السؤال إدمان السائلة على التدخين من الورق (غير التبغ)، وما أدى إليه ذلك من ضرر لها.

والجواب: أن المهم في الكثير من الأشياء البحث عن علتها، بمعنى العلم مثلًا بسبب مرض من الأمراض، فالذين يشتكون من أمراض الصدر والقلب مثلًا يعلمون أن تعاطيهم للدخان من التبغ سبب في أمراضهم، ويقولون: إنهم لا يستطيعون التخلص من أسباب مرضهم، فأصبح تحذيرهم من تعاطي التبغ ظاهرة أممية، بقصد تخليص الإنسان من أمراضه.

والأصل في شرعية هذا التحذير مسؤولية الإنسان عن حفظ نفسه، فليس حِلًّا له إهلاك نفسه بأي وسيلة، سواء كان ذلك بسلاح أو بمجرد لفافة من التبغ أو الورق ونحوه؛ فالنفس ملك لله –عز وجل-، فلا يجوز للإنسان أن يعبث بها، فإن فعل ذلك فقد أثم إثمًا عظيمًا، والأصل في هذا قول الله –عز وجل-: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ (النساء:29)، والأصل فيه -أيضًا- قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجّأ بها في بطنه في نار جهنم، خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن شرب سمًّا، فقتل نفسه، فهو في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى من جبل، فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا»([1]).

إن الله – عز وجل- لما أزال عن عباده الأوزار والأثقال إنما كان ذلك رحمة ولطفًا بهم، فإذا أضروا بأنفسهم كان ذلك عصيانًا منهم لربهم، فاقتضى هذا وجوب محافظة الإنسان على نفسه، وعدم الإضرار بها.

هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فالسائلة تتحاشى التدخين بالتبغ، وتستعمل التدخين بالورق؛ ظنًّا منها ومن زوجها أن ذلك جائز، وهذا ليس بجائز؛ لأن الضرر مترتب على هذا وذاك.

إن مجرد دخول الدخان إلى الجسم ضرر مؤكد، ولا فرق بين أن يكون هذا الدخان من التبغ أو الورق أو من أي شيء آخر؛ لأنه يحرم إدخال أي شيء إلى جسم العبد ما لم يكن في ذلك نفع له.

فالحاصل: أنه يجب على السائلة تفادي ضرر نفسها بالامتناع عن هذا التدخين؛ لأن الإضرار بالنفس بأي صورة مما حرمه الله على عباده، فليست نفوسهم ملكًا لهم، بل هي ملك له -عز وجل-. والله -تعالى- أعلم.

 

[1] أخرجه البخاري (5778)، ومسلم (109).