سؤال من الأخت “المرشدة الدينية” من الجزائر، يقول: هل يجوز للإنسان مقاطعة القريبة التي تؤذي الإنسان بلسانها و تحتقره كل يوم؟ وهل يأثم من يتجنب الجلوس معها؟

مقاطعة القريبة التي تؤذي قريبها

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر السؤال شكوى من القريبة التي تؤذي قريبها.

والجواب : أن الله  -عز وجل- حرم على العبد عرض أخيه  سواء بالقول أو الفعل، وجعل هذا من البهتان والإثم المبين؛ لما فيه من العداوة والبغضاء وفساد القرابة، فقال -جل في علاه-  : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْـرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)(الأحزاب:58).  وعظم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر هذا الأذى فقال في حجة الوادع : فإنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، وأَبْشَارَكُمْ، علَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هذا، في شَهْرِكُمْ هذا، في بَلَدِكُمْ هذا ([1]). وقال -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-:  (المُسلِمُ مَن سَلِمَ المسلمون مِن لسانه ويده، والمُهاجِرُ مَن هجَرَ ما نهـى الله عنه)([2]). وقال -عليه الصلاة والسلام- : (ومن ستر مسلمًا سترهُ اللهُ يومَ القيامةِ)([3]).

 هذا في عموم المسألة،  أما عن سؤال الأخت  فالواجب على القريبة المشار إليها الكف عن إيذاء غيرها، سواء كان قريبًا لها أو بعيدًا عنها؛ فالإيذاء باللفظ أو الكتابة أو الإشارة أو بأي صورة أخرى فعل مشين، عاقبته البهتان والإثم المبين، ولا يفعله إلا من سفه عقله وضل رشده وساءت عاقبته. هذا هو الواجب على المرأة  المشار إليها ، وعلى قريبها نصـحها بما أوجب الله عليها من كف الأذى، فلعل في ذلك خيـرًا لها، أما الإشارة إلى قطيعتها فهذا لا يجوز؛ لأنها رحم، وقد عظم الله  أمر الرحم  بقوله -تقدس اسمه- (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ)(محمد:22-23)  وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال النبـي -صلى الله عليه وسلم- : (إنَّ الرَّحِمَ شِـجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فقالَ اللَّهُ: مَن وصَلَكِ وصَلْتُهُ، ومَن قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ.)([4]).

 فالحاصل أن على الاخت السائلة نصح قريبتها عن إيذاء قريبها أو غيـره، فإن لم تنته فيصبر عليها، ويتجنبها ولكن لا يقاطعها . والله -تعالى- أعلم .

[1] – أخرجه البخاري برقم : (7078).

[2] – أخرجه البخاري برقم : (6484).

[3] – أخرجه البخاري برقم : (2442).

[4] – أخرجه البخاري برقم : (5988).