الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالواضح من السؤال أن السائلة قد تهاونت في أداء الصلاة حتى تراكمت عليها، فلا تدري عن عدد ما فاتها .
وفي هذا السؤال وجهان : الأول : عظم التهاون في ترك الصلاة. وفي هذا التهاون خطر عظيم على صاحبه؛ لأن أمر الصلاة أمر عظيم، فهـي أحد أركان الإسلام التـي يبنـى عليها، وهي صلة بين العبد وربه، وهي فرض من الله على عباده : ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا )(النساء:103). أي مفروضا من الأوقات. والأمر بها يقتضي حكمًا القيام بها في أوقاتها، وفي مخالفته إثم عظيم . وقد وصف الله المتهاونين بالصلاة في قوله -جل في علاه- : (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا )(مريم:-59-60) وقوله -تقدس اسمه- : (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ )(الماعون:4-5)،والمعنـى أنهم يستحقون هذا الويل هو العذاب الشديد بسب غفلتهم وتهاونهم في أدائها .
هذا في كتاب الله، أما في سنة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- فالأحاديث التـي تعظم أمر الصلاة كثيـرة، منها قوله -عليه الصلاة والسلام-: (العهدُ الذي بينَنا وبينَهم الصلاةُ، فمَن تركَها فقد كفرَ)([1]). وقد هم -عليه الصلاة والسلام- أن يحرق بيوت الذين لا يشهدون الصلاة، كما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب، فيحطب، ثم آمر بالصلاة، فيؤذن لها، ثم آمر رجلًا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال، فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم، أنه يجد عرقًا سمينًا، أو مرماتين حسنتين، لشهد العشاء)([2]).
الوجه الثاني : أن علـى السائلة أن تتوب إلى الله توبة نصوحًا بشروطها الثلاثة: وهي: الإقلاع عن الذنب، و الندم على ما فات والعزم علـى عدم العودة إليه، ولعل في توبتها ما يكفر عنها ما فعلته، وهو أرحم الراحمين، يحب التوبة عن عباده، فيتجاوز عن سيئاتهم وخطيئاتهم، بل إنه -جل في علاه- يبدل سيآتهم إلى حسنات؛ لطفًا بهم و رحمة لهم.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى جوابًا عن السؤال: إذا كانت السائلة تتذكر عدد الأيام التي لم تصل فيها فتصليها إذا كان ذلك ممكنًا، كما لو كانت خمسة أيام أو نحوها، أما إذا كان عدد الأيام كثيرًا ولا تستطيع حصر ما فاتها فتكتفي بالتوبة النصوح، فعسى الله أن يتوب عليها، وعليها أن تتذكر قول الله –عز وجل-: “وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ”(طه:82).
والله -تعالى- أعلم .
[1] – أخرجه الترمذي برقم : (2621).
[2] – أخرجه البخاري برقم : (644).