الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فـإن الله -عز وجل- قد حصر المستحقين للزكاة في ثمانية وبيّنهم -وبيانه الحق- في قوله -عز ذكره-: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، [التوبة:60].
هذا هو الأصل، وقد بيّنت سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -تفاصيل هذا الحكم، فاقتضى هذا حصر الزكاة في المبينين في الآية، فلا يجوز إخراجها لغيرهم.
هذا في عموم المسألة. أما عن سؤال الأخت عن استحقاق أولادها لزكاتها؛ لكون والدهم غير عامل ولا ينفق عليهم، وأنها هي التي تقوم بالإنفاق عليهم- فهذا لا يؤثر في الحكم، ولها الحق في مطالبة والدهم بالإنفاق عليهم؛ لأن ذلك واجبه عملًا بقول الله -تعالى-: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا}، [البقرة:233]، وقوله -عز ذكره-: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}، [الطلاق:7].
فزكاة الأم تعطى للمستحقين، وإنفاق الأخت على أولادها فيه أجر عظيم، فهم أولادها، فإن كان والدهم يقدر على الإنفاق عليهم حقت مطالبته، فإن كان لا يقدر فسيجعل الله بعد عسر يسرًا، فالمهم كفالة الأولاد في طعامهم وشرابهم وكسائهم.
والله -تعالى- أعلم