الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فمن فضل الله على عباده أن جعل لهم أيامًا فيها فضائل كثيرة، ومنها عشر ذي الحجة فقد أقسم الله بها في قوله -عز وجل-: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ } [الفجر:1-2]، ومن فضائلها حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ”([1]). وحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما مِن أيَّامٍ أَعظَمَ عِندَ اللهِ، ولا أَحَبَّ إلَيهِ مِنَ العملِ فيهِنَّ مِن هذِه الأَيَّامِ العَشرِ؛ فأَكثِرُوا فيهِنَّ مِنَ التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحميدِ”([2]).
ومن الفضائل في هذه الأيام الصيام، كما ثبت في حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- قد سئل -عليه الصلاة والسلام- عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ:” يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ”([3])، ومنها الحج، كما في حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي -رضي الله عنه- قال: “شَهِدْتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بعَرفةَ، وأتاهُ ناسٌ من نَجدٍ، فأمَروا رجلًا، فسألَهُ عنِ الحجِّ، فقالَ: الحجُّ عرفةُ، مَن جاءَ ليلةَ جمعٍ قبلَ صلاةِ الصُّبحِ فقد أدرَكَ حجة”([4]).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت حول صيام يوم عرفات الذي يصادف يوم الجمعة، الذي يكره تخصيصه بصوم فالجواب: إنه لا حرج -إن شاء الله- في هذا الصيام؛ لأن من يصوم يوم عرفات ينوي صيام هذا اليوم، وليس صيام يوم الجمعة، والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا حرج إن شاء الله إذًا في صيام يوم عرفات المصادف يوم الجمعة.
والله -تعالى- أعلم
[1] أخرجه البخاري (969).
[2] أخرجه أحمد (5446) واللفظ له، وعبد بن حميد (805)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (2971) وصححه شعيب الأرناؤوط في تخريج المسند برقم(5446).
[3] رواه مسلم (1162).
[4] أخرجه النسائي(3016 )،و(3044 )، والترمذي(889 )،وابن ماجة(3015 ) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي برقم(3044).