سؤال من الأخت” المرشدة الدينية” من الجزائر، تقول: من المعروف أن تخصيص يوم الجمعة بصيام النافلة لا يجوز ويكره، ولكن حسب ما أعلن أن يوم عرفة هذه السنة يصادف يوم الجمعة، فهل نصومه منفردًا؟

صيام يوم الجمعة إذا صادف يوم عرفات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فمن فضل الله على عباده أن جعل لهم أيامًا فيها فضائل كثيرة، ومنها عشر ذي الحجة فقد أقسم الله بها في قوله -عز وجل-: {وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ } [الفجر:1-2]، ومن فضائلها حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ”([1]). وحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما مِن أيَّامٍ أَعظَمَ عِندَ اللهِ، ولا أَحَبَّ إلَيهِ مِنَ العملِ فيهِنَّ مِن هذِه الأَيَّامِ العَشرِ؛ فأَكثِرُوا فيهِنَّ مِنَ التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحميدِ”([2]).

ومن الفضائل في هذه الأيام الصيام، كما ثبت في حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه- قد سئل -عليه الصلاة والسلام- عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ:” يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ”([3])، ومنها الحج، كما في حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي -رضي الله عنه- قال: “شَهِدْتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- بعَرفةَ، وأتاهُ ناسٌ من نَجدٍ، فأمَروا رجلًا، فسألَهُ عنِ الحجِّ، فقالَ: الحجُّ عرفةُ، مَن جاءَ ليلةَ جمعٍ قبلَ صلاةِ الصُّبحِ فقد أدرَكَ حجة”([4]).

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت حول صيام يوم عرفات الذي يصادف يوم الجمعة، الذي يكره تخصيصه بصوم فالجواب: إنه لا حرج -إن شاء الله- في هذا الصيام؛ لأن من يصوم يوم عرفات ينوي صيام هذا اليوم، وليس صيام يوم الجمعة، والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلا حرج إن شاء الله إذًا في صيام يوم عرفات المصادف يوم الجمعة.

والله -تعالى- أعلم

[1] أخرجه البخاري (969).

[2] أخرجه أحمد (5446) واللفظ له، وعبد بن حميد (805)، والطحاوي في ((شرح مشكل الآثار)) (2971) وصححه شعيب الأرناؤوط في تخريج المسند برقم(5446).

[3] رواه مسلم (1162).

[4] أخرجه النسائي(3016 )،و(3044 )، والترمذي(889 )،وابن ماجة(3015 ) وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي برقم(3044).