سؤال من الأخت ” المرشدة الدينية” من الجزائر: هل صحيح أن الوضوء بالماء البارد في الشتاء أعظم أجرًا؟

هل الوضوء بالماء البارد في الشتاء أعظم أجرًا

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد: 

فإن الله -عز وجل- لم يشرع لعباده إلا ما فيه نفعهم، وما فيه نفي الضرر عنهم؛ فهو كما قال -عز وجل-: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ)(الشورى:19). ولم يرسل لعباده إلا من يرأف بهم حين يدعوهم إليه، فوصف نبيه ورسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بالحريص على أمته والرأفة بهم، فقال -جل في علاه- : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)(التوبة:128) وفوق ذلك قال -تقدس اسمه- (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)(286). وقال لعباده (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(التغابن:16) فدل هذا على أن تكليف العبد لنفسه لا يجوز، والشاهد فيه قصه النفر الذين جاؤوا  إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  فلما عرفوا عبادته كَأنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقالوا: وأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-؟! قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ أحَدُهُمْ: أمَّا أنَا فإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا، وقالَ آخَرُ: أنَا أصُومُ الدَّهْرَ ولَا أُفْطِرُ، وقالَ آخَرُ: أنَا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أتَزَوَّجُ أبَدًا، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إليهِم، فَقالَ: أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا؟! أَمَا واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي.)([1]).

هذا في عموم المسألة، أما الجواب عن السؤال فإذا كان الماء شديد البرودة فلا يجوز الوضوء به؛ لأنه مما يضر بأعضاء الوضوء. فالوضوء يجب أن يكون بالماء المعتاد فلا يتكلف العبد غير ذلك؛ لأن الله -عز وجل- لم يكلفه إلا بما يتيسر له، فالوضوء بالماء البارد أو الحار من التكليف الذي لا يجوز .

والله -تعالى- أعلم.

[1] – أخرجه البخاري برقم : (5063).