الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالحمام له غرض معين للوضوء والغسل للتطهر من النجاسات، ويعد محلًّا للنجاسات، وقد كان من هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند دخول الحمام التعوذ من الخبث والخبائث، كما في حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: ” كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا دَخَلَ الخَلَاءَ قالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الخُبُثِ والخَبَائِثِ”،([1]) والمراد بالخبث جمع خبيثٍ، وهم ذكران الشياطين والمراد بالخبائث جمع خبيثةٍ، وهنَّ إناث الشياطين.([2]).
ومن المعروف للإنسان أن لكل أمر ما يناسبه؛ فالبضائع مثلًا تخزن في المحال التجارية، والكتب توضع فيما يخصص لها من محل كالمكتبات، والحمام محل للتطهر -كما ذكر- ..وهكذا في كل أمر ، فإذا كان المراد أن يبقى الإنسان في الحمام مدة طويلة ليتحدث مع أصدقائه مثلًا، فهذا يعد من العبث ولا يجوز؛ لأن للحمام حاجة معينة هي التطهر وليس الحديث، أما إذا كان المراد طلب العبد حاجة ما في أثناء وجوده في الحمام فهذا لا يناسبه.
فالحاصل أن الحمام ليس محلًّا للحديث فيه؛ لمنافاة ذلك للمعهود من سلوك العبد.
والله -تعالى- أعلم
[1] رواه البخاري (142).
[2] فتح الباري للحافظ ابن حجر العسقلاني جط1 ض 292.