الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد،أما بعد:
فظاهر السؤال عن صيام العروسين في شهر رمضان، وما إذا كان لهما الفطر فيما يسمى شهر العسل.
والجواب: أن صيام شهر رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة، كتبه الله على المسلمين كما كتبه على الأمم السابقة، قال -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:183)، الكتب بمعناه الفرض المقتضى للقيام بها، واستثنى -عز وجل- من الصيام المريض والمسافر؛ رحمة بهما من المشقة، وألزمهما بالقضاء بعد الشفاء من المرض، والعودة من السفر، فقال -جل في علاه-: (وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة:185).
فاقتضى هذا حكمًا أنه لا عذر لأحد في الفطر في شهر رمضان، إلا من سماهم الله حصرًا وهم المرضى والمسافرون، أما ما عداهم فلا عذر لهم، وفي هذا روى أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعيّ (الضبع هو العضد)، فأتيا بي جبلًا وعِرًا، فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار، ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دمًا، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم([1]).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت عن الفطر فيما يسمى شهر العسل فهذا لا وجه له، فهو من أقوال العوام الذين يتداولون هذه المقولة عن جهل وعدم علم.
إن صيام شهر رمضان فرضه الله على عباده، فليس لهم خيار في صيامه أو عدم صيامه، ويمكن للعروسين أن يقدما زواجهما قبل شهر رمضان، أو يؤجلا إلى ما بعده، فالأمر واسع و الحمد لله، وأداء العبادة في وقتها من توفيق الله للعبد.
والله -تعالى- أعلم.
[1] – أخرجه ابن خزيمة في صحيحه برقم (1986) وابن حبان في صحيحه برقم: (7491) وصححه الألباني: في صحيح موارد الظمآن برقم( 1509).