الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فظاهر السؤال عن قراءة القرآن على الميت قبل دفنه، وعلى قبـره بعد دفنه.
والجواب: أن ما ينفع الميت بعد موته هو الأعمال الصالحة، ومن هذه الأعمال: الحـجُّ عنه إذا لم يكن قد حـج، والشاهد فيه قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمن سألتْه أن أُمَّهَا نَذَرَتْ أنْ تَحُـجَّ، فَلَمْ تَحُـجَّ حتّـَى ماتَتْ؛ أفَأَحُجُّ عَنْها؟ قالَ: «نَعَمْ! حُجِّي عَنْها؛ أرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ أكُنْتِ قاضِيَةً؟ اقْضُوا اللَّهَ؛ فاللَّهُ أحَقُّ بالوَفاءِ»([1]).
ومما ينفع الميتَ الدعاءُ له، والصدقة عنه؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-في حديث أبي هريرة-رضي الله عنه-: «إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ : صدقةٍ جاريةٍ، وعلمٍ ينتفعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو له»([2]).
ومما ينفع الميت: قضاءُ دينه إذا كان عليه دين، وردُّ ما قد يكون ارتكبه من المظالم في حقوق العباد.
ومما ينفع الميت: الاستغفار له؛ ففي هذا الاستغفار فضل للحي والميت؛ فقد عظم الله أمر الاستغفار بقوله-عز ذكره-: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (الأنفال:33).
ومما ينفع الميت: بِرُّ أصدقائه ومَنْ كان يوده في حياته؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- : «إنَّ مِن أَبَرِّ البِرِّ صِلَةَ الرَّجُلِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ»([3]).
ومما ينفع الميتَ: ذِكْرُ محاسنه، وعدمُ ذكر مساوئِهِ.
ومما ينفعه: الترحم عليه، وطلب المغفرة له، والإعراض عن سبه؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث عائشة -رضي الله عنها- : «لا تَسُبُّوا الأمْوَاتَ، فإنَّهُمْ قدْ أفْضَوْا إلى ما قَدَّمُوا»([4]).
هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت فمن المشاهد أن بعض أولياء الميت يضعون القرآن على جثمانه قبل موته، خاصة إذا تأخر دفنه، ولا أعلم لهذا أصلًا، سواء وضع القرآن عليه قبل دفنه أو على قبره بعد دفنه، فهذا كله من البدع. والله-تعالى-أعلم.
[1] – أخرجه البخاري برقم (1852).
[2] – أخرجه مسلم برقم (1631).
[3] – أخرجه مسلم برقم (2552).
[4] – أخرجه البخاري برقم (1393).