سؤال من الأخت “المرشدة الدينية” من الجزائر، تقول فيه: مات جنين في بطن إحدى الأخوات، وهي حامل في الشهر الخامس، وتنتظر إخراج الجنين الميت من بطنها في المستشفى، ما الذي يجب فعله في مثل هذه الحالة؟، هل يجب تغسيله وتكفينه ودفنه والصلاة عليه؟. نرجو من فضيلة الشيخ عبد الرحمن النفيسة -حفظه الله- الإجابة عن هذا السؤال؛ لأنه يتكرر بين الناس.

هل يجب تغسيله وتكفين ودفن السقط

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فظاهر السؤال عن جنين مات في بطن أمه، وله خمسة أشهر.

والجواب: أن الجنين يمر بثلاثة أطوار:

الطور الأول: ماء الرجل وماءالمرأة، ويسمى النطفة، وفيه قال الله -عز وجل-: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ*خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ*يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ (الطارق: 5-7).

الطور الثاني: العَلَقَةُ، وهي الدم الجامد.

الطور الثالث: المضغة، وهي قطعة لحم قدر ما يُمْضَغُ.

وفي هذا قال -جل وعلا-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ (الحج: 5)، وكل واحد من  هذه الأطوار الثلاثة أربعون يوما، قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- قالَ: «إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا، فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ»([1]).

وينبني على ذلك أن الجنين إذا أصبح مضغة نفخت فيه الروح، وأصبح نفسًا مؤمنة، لها نفس حرمة النفس.

هذا في عموم المسألة، وجوابًا عن سؤال الأخت: إذا كان الجنين قد أتم أربعة أشهر فما بعدها فهو نفس مؤمنة، يُغَسَّلُ، ويُكَفَّنُ، ويُصَلَّى عليه، ويُدْفَنُ مثل الأموات. والله -تعالى- أعلم.

[1] أخرجه البخاري (3208)، ومسلم (2643) باختلاف يسير.