الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فظاهر السؤال عن جنين مات في بطن أمه، وله خمسة أشهر.
والجواب: أن الجنين يمر بثلاثة أطوار:
الطور الأول: ماء الرجل وماءالمرأة، ويسمى النطفة، وفيه قال الله -عز وجل-: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ*خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ*يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ (الطارق: 5-7).
الطور الثاني: العَلَقَةُ، وهي الدم الجامد.
الطور الثالث: المضغة، وهي قطعة لحم قدر ما يُمْضَغُ.
وفي هذا قال -جل وعلا-: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ﴾ (الحج: 5)، وكل واحد من هذه الأطوار الثلاثة أربعون يوما، قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: حَدَّثَنَا رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وهو الصَّادِقُ المَصْدُوقُ- قالَ: «إنَّ أحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَكونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا، فيُؤْمَرُ بأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، ويُقَالُ له: اكْتُبْ عَمَلَهُ، ورِزْقَهُ، وأَجَلَهُ، وشَقِيٌّ أوْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يُنْفَخُ فيه الرُّوحُ»([1]).
وينبني على ذلك أن الجنين إذا أصبح مضغة نفخت فيه الروح، وأصبح نفسًا مؤمنة، لها نفس حرمة النفس.
هذا في عموم المسألة، وجوابًا عن سؤال الأخت: إذا كان الجنين قد أتم أربعة أشهر فما بعدها فهو نفس مؤمنة، يُغَسَّلُ، ويُكَفَّنُ، ويُصَلَّى عليه، ويُدْفَنُ مثل الأموات. والله -تعالى- أعلم.
[1] أخرجه البخاري (3208)، ومسلم (2643) باختلاف يسير.