سؤال من الأخت “المرشدة الدينية” من الجزائر، تقول فيه: سائلة تقول: هل يجوز لنا أن نتبرع بقيمة الأضحية للأيتام في الدول الأفريقية مثل غانا؛ لشراء المستلزمات الدراسية؟.

حكم التبرع بقيمة الأضحية للأيتام

  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فالأضحية صدقة عن صاحبها، وهي فوق ذلك قربة إلى الله،  لا ينالها منها إلا  أصحاب التقوى من عباده، وفي هذا قال  -عز ذكره- : ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ﴾ (الحج:36-37).

وتعظيم العبد لشعائر الله دليل على تقواه، وقربِهِ من الله في طاعة أوامره، واجتناب نواهيه، وهذا التعظيم لا يكون إلا ممن وقر الإيمان في قلبه، كما قال -عز وجل-: ﴿وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (الحج:32) .

وفي الأضحية فضل كبير، وقد بين ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عدة أحاديث، منها: قوله -عليه الصلاة والسلام- في حديث البَرَاءِ بن عازب -رَضِيَ اللهُ عنه-: قال: «مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ فإنَّما يذبحُ لنَفْسِه، ومَن ذَبَحَ بعد الصَّلاةِ فقد تَمَّ نسُكُه، وأصاب سُنَّةَ المُسْلمينَ»([1])، وقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: «مَن كان له سَعَةٌ، ولم يُضَحِّ، فلا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانا»([2]).

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت عن التبرع بقيمة الأضحية ففي جواز هذا التبرع وعدمه خلاف بين بعض أهل العلم، وله حالتان:

الحالة الأولى: إن كان التبرع للأيتام ونحوهم؛ لكونهم جَوْعَى أو غرباء، ولا مسكن لهم، فهنا يجوز التبرع لهم بقيمة الأضحية، بسبب ضرورات حياتهم للأكل والشرب واللبس والسكن، فقد بين الله -عز وجل- لآدم -عليه السلام- هذه الضرورات بقوله: ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ*وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ﴾ (طه:118-119).

فهذه الحاجات من ضرورة الإنسان في حياته، فلا يستطيع المُقَامَ في الدنيا إذا فقدها، فإن كان المسلم يفقد هذه الحاجات جاز التبرع له بقيمة الأضحية.

الحالة الثانية: إن كان التبرع لشراء المستلزمات الدراسية – كما ذكر- فمع أهمية هذه الحاجات إلا أن ذبح الأضحية يفوق في الفضل التبرع بقيمتها، فالفضل درجات، وذبح الأضحية من أفضل الدرجات.

فالحاصل جوابًا عن السؤال أن الأصل ذبح الأضحية اتباعًا لسنة أبي الأنبياء إبراهيم -عليه السلام-، واتباعا لسنة رسول الله محمد-صلى الله عليه وسلم- وخلفائه وصحابته وأئمة المسلمين وعامتهم، ولا يستثنى من هذا الأصل إلا ما كان لضرورات الحياة، كالأكل والشرب ونحو ذلك.

والله -تعالى- أعلم.

 

[1] رواه البخاري (5556)، واللفظ له، ومسلم (1961).

[2] أخرجه ابن ماجه (2123)، واللفظ له، وأحمد (8273)، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (6490).