الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته، ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فالجواب عن السؤال من وجهين:
الوجه الأول: من يبيع الغنم ممن يتعامل بالخمر بيعًا وشراءً وترويجًا، فهذا لا يجوز التعامل معه بشراء الأضحية منه؛ لأن التعامل بالخمر بيعًا وشراءً من المنكرات، فقد “لعن اللهُ الخمرَ، وشاربَها، وساقِيها، وبائِعَها، ومبتاعَها، وعاصِرَها، ومعتصِرَها، وحامِلَها، والمحمولةَ إليه”([1])، فمن يتعامل بها على هذا النحو يعد مرتكبًا منكرًا وإثمًا كبيرًا، ولا يجوز التعامل معه؛ لأن الأصل عدم جواز إعانة مرتكب المنكر .
والوجه الثاني : إن كان المذكور في السؤال يتعاطى الخمر بشربها غيرَ مجاهِرٍ بها؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ»([2]) فلاشك في أنه يرتكب بفعله هذا معصية، ولكن يجوز التعامل معه، والشاهد فيه ما رواه أبو برزة الأسلمي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه! لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته»([3])، والشاهد فيه -أيضًا- ما رواه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- : أنَّ رَجُلًا علَى عَهْدِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- كانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ، وكانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وكانَ يُضْحِكُ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، وكانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قدْ جَلَدَهُ في الشَّرَابِ، فَأُتِيَ به يَوْمًا، فأَمَرَ به، فَجُلِدَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، ما أكْثَرَ ما يُؤْتَى بهِ! فَقَالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: لا تَلْعَنُوهُ، فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ أنَّه يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ»([4]).
هذا في عموم المسألة، أما الجواب عن السؤال فإنه يجوز شراء الأضحية من بائع الغنم إذا كان غير مجاهر بشربه الخمر ، أما إذا كان يجاهر بشربها فلا يجوز التعامل معه بيعا أو شراء.
والله -تعالى- أعلم.
([1]( أخرجه أبو داود برقم (3674)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (3674).
([2]) أخرجه البخاري (6069)، ومسلم (2990) باختلاف يسير.
([3]) أخرجه أبو داود (4880)، وأحمد (19776)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (4880).
[4] -أخرجه البخاري برقم: (6780).