الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد أما بعد:
فإن الشيطان حريص على فساد دين العبد ليكون من أتباعه، ولا يتحقق له هذا الإفساد إلا من خلال إغوائه وتزيين الباطل له في إفساد زوجه أو ولده، أو دفعه إلى ارتكاب المحرمات، فهذا الإفساد يتطلب من العبد عدم طاعته ومحاربته في وساوسه، والتغلب عليه بما يدفع شروره، ومن هذه الشرور الذهاب إلى العرافين والمشعوذين، الذين أضلهم الشيطان وأمرهم أن يضلوا غيرهم، فيذهبوا إلى أتباعه؛ اعتقادًا أو ظنًّا منهم بأن ما يواجهونه من مشكلات يقتضي الذهاب إلى هؤلاء وطلب العون منهم، ولا يتيسر لهم ذلك إلا إذا اتبعوا ما يأمرونهم به من الذبح لغير الله والشرك به، فيخرجون من دينهم وهم لا يدرون ما فعلوا، فالذي يذهب إلى هؤلاء العرافين والمشعوذين يرتكب إثمًا عظيمًا، وهو عدم المغفرة له بسبب شركه، وفي هذا قال -عز وجل-: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48]، وقال -تقدس اسمه-: ﴿إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ﴾ [المائدة: 72].
هذا في عموم المسألة، أما عن اقتراح السائلة على أختها أن تذهب إلى العرافين لحل مشكلتها مع زوجها، فقد ظلمت أختها وظلمت نفسها بهذا الاقتراح، فهذا الاقتراح لا يجوز؛ فالعبد لا يأمر أخاه بارتكاب معصية؛ لأنه إذا ارتكبها أصبح شريكًا معه في إثمها، والواجب على الأخت أن تصلح بين أختها وزوجها، وأن تنصحها بأن تتقيد بما يجب عليها من حسن المعاشرة، وبأن تحل مشكلتها بالأخلاق الحسنة والكلمة الطيبة، ويجب عليهما أن تعلما أن كلًّا منهما مسؤولة عن صاحبتها فيما هي مؤتمنة عليه، بحكم عقدهما الذي عقدتاه بكلمة الله.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن كانت أختها قد ذهبت إلى العرافين فعليها أن تنصحها بالبعد عنهم، والشرح لها عما في ذلك من الآثام الكبرى، وعليها أن تستغفر الله وتتوب إليه، وهي أيضًا تتوب إليه على اقتراحها على أختها. والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-([1]).
والله -تعالى- أعلم.
([1]) أخرجه ابن ماجه، برقم: (4250)، (5/320)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم: (3008)، (1/578).