للنصب في اللغة عدة معان حسب واقع الكلمة ومرادها، فالنَّصَبُ – بفتح الصاد – يأتي بمعنى التعب. والنّصْبُ – بسكون الصاد – بمعنى وضع الشيء ورفعه، والأنصاب بمعنى الأصنام. والنّصِيبُ: الشَّرَك المنصوب. ونصَبَ فلان لفلان نصَبًا: قصد له، وعاداه، وتجرد له([1]). فيدخل مسمى النصاب تحت هذا الاسم، فيسمى نصابًا من يقصد إنسانًا لكي يعاديه في ماله مثلًا .
ولعل المراد من سؤال الأخت السائلة المخادع أو الخداع، الذي يظهر لغيره ما يخفيه، ويريد به المكروه من حيث لا يعلم([2])، كما قال -عز وجل- لنبيه ورسوله محمد -ﷺ- : {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ الله} [الأنفال:26]، وللخداع أو النصب أفعال ذات صلة به، ومنها: الخيانة، والغش، والغدر، والتمويه أو التزوير .
وله في الحياة أمثلة كثيرة، ومن هذه الأمثلة: من ينتحل شخصية إنسان آخر ذي صفة معينة، لكي يؤثر بها على غيره، فيسلبه ماله، أو يموه على إنسان آخر، فيدعي صفة معينة ليست فيه؛ لكي يستدرجه إلى أن يفعل فعلًا يكون لمصلحته، ومن هذه الأمثلة: الدجالون والمشعوذون، الذين يستدرجون الناس لسلب أموالهم؛ بما يضعونه لهم من المغريات الخادعة.
فهذه الأفعال وما يماثلها تعد محرمة، ومرتكبها آثم، ففي الخيانة قول رسول الله -ﷺ- : «يطبع المؤمن على الخلال كلها، إلا الخيانة والكذب»([3])، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: «آية المنافق: ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان»([4]).
وفي الغش قول رسول الله -ﷺ- : «من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا»([5]).
وفي تحريم الغدر وكونه من آيات النفاق في الحديث المذكور آنفاً، قول رسول الله ﷺ: «إن الغادر يرفع له لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة ابن فلان»([6])، وهكذا.
ولجرائم الخداع بأنواعه عقوبات حسب طبيعة كل واحدة منها، وهذه العقوبات إما أن تكون مقدرة، كعقوبة السرقة مثلًا، وإما أن تكون تعزيرية يقدرها القضاء.
([1]) المعجم الصافي في اللغة العربية لصالح العلي الصالح، وأمينة الشيخ سليمان الأحمد ص668، والمعجم الوسيط ج1 ص ٢٢٠- ٢٢١.
([2]) المعجم الوسيط ج1 ص ٢٢٠- ٢٢١.
([3]) أخرجه الإمام أحمد في المسند ج5 ص252 ، قال الألباني في الإيمان لابن أبي شيبة، (٨١): إسناده صحيح على شرط الشيخين.
([4]) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب خصال المنافق، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم، ج1 ص277، برقم 259 .
([5]) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب ما يدعى الناس بآبائهم، فتح الباري ج10 ص578، برقم (٧٧١٦، ٨٧١٦).
([6]) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب قول النبي- ﷺ-: «من غشنا فليس منا»، صحيح مسلم مع شرحه إكمال إكمال المعلم ج1 ص348، برقم (١٠١).