سؤال من الأخت إيمان من الجزائر، يقول: فيما يخص الدعاء، أيجوز عند الدعاء رفع اليدين مع رفع العينين إلى السماء أم لا يجوز ؟

رفع اليدين عند الدعاء مع رفع البصر إلى السماء

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علـى رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالجواب أن في رفع الدين عند الدعاء خلافًا بين العلماء؛ فمنهم من يرى عدم جوازه،  ومنهم من كرهه في غيـر الاستسقاء،([1]) و منهم من يرى جوازه على الإطلاق. قلت : ولعل هذا هو الصواب للأدلة الكثيـرة، ومنها حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما كان يستبعد إجابة دعاء آكل الحرام بقوله: (يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يقول: يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!)([2]).

أما رفع البصر عند الدعاء، فلا يجوز، سواء كان الدعاء فـي الصلاة المفروضة أو النافلة، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسو ل الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ( ما بالُ أقوامٍ، يَرفعونَ أَبصارَهمْ إلى السَّماءِ في صلاتهمْ! فاشْتَدَّ قولُهُ في ذلكَ، حتى قال: ليَنْتَهُنَّ عن ذلكَ، أو لتُخْطَفَنَّ أبصارُهُمْ)([3]).

وكذا لا يجوز تغميض العينين في الصلاة ، فبعض أهل العلم يراه مكروهًا لغيـر حاجة([4])وبعضهم أجازه؛ لأن الحديث الوارد فـي كراهيته لم يصح([5]).

وقد نص ابن القيم في زاد المعاد : “على أن الإنسان إذا كان أكثـر خشوعًا بتفتيح العينين فهو أولى ، وإن كان أخشع له تغميض العينين؛ لوجود ما يشغله عن الصلاة من تزويق وزخرفة، فإنه لا يكره قطعًا، بل القول باستحباب التغميض أقرب إلى مقاصد الشرع وأصوله من القول بالكراهة “([6]).

قلت: ولعل الصواب كراهة تغميض العينين في أثناء الصلاة؛ فالمصلي ينبغـي أن ينظر إلى موقع  ركوعه وسـجوده، فليس فـي تغميض عينيه نفع له، بل قد يكون الضرر أقرب إليه؛ لما قد يفاجئه وهو ساجد.

فالحاصل جواز   رفع اليدين بالدعاء، وعدم رفع البصر إلى السماء في أثناء الدعاء.

والله -تعالى- أعلم.

[1] فتح الباري ج 3 ص 78.

[2] أخرجه مسلم (1015).

[3] أخرجه البخاري (750).

[4] “بدائع الصنائع” (1/503)، و”الإقناع” (1/127) ،و “المغني” (2/30).

[5] “مراقي الفلاح” (1/343).

[6] “زاد المعاد” (1/283).