الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فإن الله عزوجل أرسل الرسل ليبينوا لأممهم القواعد والأحكام، وما فيها من الأوامر والنواهي، فكان عمل كل رسول أن يبين لهم بلغتهم ما يجب عليهم، قال تقدس اسمه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ﴾ [إبراهيم:4]، فكان كل رسول يبين لأمته ما يجب عليها، فمنها من آمن كما فعل قوم نبي الله يونس -عليه السلام- ومنها من كفر كقوم نوح وهود وصالح ولوط، ورسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- من بين الرسل الذين أرسلهم الله إلى الثقلين الجن والإنس وفي هذا قال تقدس اسمه: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل:89]، وقال عز ذكره: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [المائدة:67].
هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فقد بين عزوجل لعباده أن ما يصيبهم من العقوبة إنما هو بسبب أنفسهم، وفي هذا آيات كثيرة منها قوله عز ذكره: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ﴾ [الشورى:30]، وقال تقدس اسمه: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ﴾ [آل عمران:165]، وقوله جل في علاه: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الروم:41].
فالفساد والظلم والأعمال المخالفة لأوامر الله وأوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم- سبب مباشر للعقوبة فما يصيب العباد من الجدب والقحط والزلازل والبراكين وغور المياه ونقص الأموال والأنفس والثمرات إنما هو بسبب المعاصي والبعد عن الله، وفي هذا قال جل في علاه: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾ [طه:124].
فدل هذا على أن الذنوب من أسباب العقوبة، فما يصيب العباد في أنفسهم وأموالهم، ومختلف حياتهم وأن السبب لدرء العقوبة يكون بالتوبة إلى الله، وتصحيح المسار الذي يسير فيه الإنسان وهو يعلم خطأه.
والله تعالى أعلم.