سؤال من الأخت أ.ن. من الجزائر، يقول: قرأت منشورًا لكم عن حكم سحر التصفيح…فأردت سؤالكم: ماذا لو كانت من عملت التصفيح للفتاة جاهلة- كما قالت الأخت- لم تكن تعلم أنه حرام، هل يوجد عليها إثم، مع العلم لم تكن تعلم، وقامت به عن جهل، أويبطل سحر التصفيح برقية شرعية من مرة واحدة، أم هناك طرق معالجة يجب اتباعها؟

من عملت عملًا سيئًا وهي جاهلة به

   الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:              فظاهر سؤال الأخت عن حكم من عملت التصفيح (نوع من السحر) وهي جاهلة به، فهل تأثم؟ الجواب من حيث الأصل لا يعذر من يرتكب الخطأ – خاصة إذا كان في حواضر الناس-، فمن المعلوم لعامة المسلمين أن السحر من كبائر الذنوب، فمن يرتكب هذا الفعل لا يعذر لهذا، فالواجب على العبد أن يعلم دينه أو يسأل عنه إذا لم يكن يعلم، والأصل فيه قول الله – تعالى-: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النحل: ٤٣]، وقد يعذر من يعيش في معزل عن الناس، كالذي يعيش في الأدغال أو المتاهات، أما غيرهم فلا يعذر، فمن لا يعلم أمر دينه عليه أن يسأل عنه من يعلم، ومع هذا فقد منح الله التوبة لعباده إذا ضلوا وزلت أقدامهم، فقال -عز ذكره-: (وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلَّا ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: ١٣٥]، وقال – تقدس اسمه-: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى: ٢٥]، وقال – تعالى-: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّـَٔاتِكُمْ… الآية) [التحريم: ٨]، وقال -جل في علاه-: (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا) [النساء: ٢٧]، والتوبة يجب أن تتحقق فيها شروط ثلاثة، هي: الإقلاع عن الفعل المحرم، والندم على فعله، والعزم على عدم العودة إليه. كما يجب أن تكون التوبة قبل حلول الأجل؛ لقول الله -عز وجل- : (وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ حَتَّىٰٓ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّى تُبْتُ ٱلْـَٰٔنَ وَلَا ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [النساء: ١٨].

فالحاصل أن على المسلم والمسلمة معرفة دينهم، وما يحل لهم وما يحرم عليهم فعله، فإن لم يعلموا وجب عليهم سؤال من يعلم، وعلى الأخت المشار إليها في السؤال أن تتوب إلى الله، وتكثر الاستغفار، وعسى الله أن يعفو عنها ويقبل توبتها.