سؤال من الأخت (أم محمد المالكي) من الجزائر تقول فيه: ماهي الخطوات المتعبة لغرس العقيدة الإسلامية الصحيحة لأبنائنا ؟

غرس العقيدة الصحيحة في نفوس الناشئة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالجواب: أن هذا السؤال يحتاج إلى تفصيل ويمكن إيجازه في ثلاثة طرق: الطريقة الأولى: تربية الوالدين لولدهم على حب القرآن من الصغر، وتبسيطه لهم، وأنه الكتاب الجامع لكل العلوم، فيه خير الدنيا والآخرة فيه علم الصناعة وعلم الزراعة وعلم النبات وعلم المياه وعلم الذرة، وكل علم عاشه الإنسان في ماضيه أو يعيشه في حاضره أو مستقبله قال عز وجل: ﴿مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ﴾ [الأنعام:38]، وقال: جل في علاه: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ] (النحل:89)، فهذا الكتاب أعظم تربية للنشئ في بداية حياتهم؛ لأن الذي نزله لا يعزب عنه شيء قال تقدس اسمه: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ ۖ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ ۖ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [سبإ:3]، والولد في أي مكان ينشأ على ما عوده وعلمه أبواه:

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ

الطريقة الثانية: تذكير النشأ بما كان عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأخلاق وما كان عليه الصحابة و السلف الصالح من هذه الأخلاق ولا يعني هذا عدم الاهتمام بالعلوم الأخرى بل يجب الاهتمام بها والتوكيد عليها فلا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون لقول الله عز وجل: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر:9]، وقول رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه: (أَنْتُمْ أَعْلَمُ بأَمْرِ دُنْيَاكُمْ)([1]).

الطريقة الثالثة: قيام الوالدين بمسؤوليتهم تجاه ولدهم بحسب أنهم المسؤولين عن تربيته وتنشئته على الخلق المستقيم؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ) ([2]).

نعم: وهذه المسؤولية تقع في المقام الأول على الأب لأن الولد يرى في والده المثل له رغم حبه لأمه.

إن أخطر ما يواجه النشأ في عقيدتهم سوء إدارة تربيتهم، وما كان انحراف بعض النشء وانغماسهم في المحرمات والتحلل من القيم؛ إلا نتيجة سوء هذه التربية.

إن المنجي من منزلقات النشء قيام والديهم بغرس العقيدة الصحيحة في أولادهم، وأهم ذلك تعويدهم في صغرهم على حب القرآن، وسيرة رسول الله المبعوث رحمة للعالمين -صلى الله عليه وسلم- وعلى صحابته ومن تبعهم إلى يوم الدين.

[1] – أخرجه مسلم برقم: (2363).

[2] – أخرجه البخاري برقم: (2554)، ومسلم برقم:(1829).