سؤال من الأخت أم فائز من موسكو، تقول: زوجي لديه محل تجاري صغير، وهو مطالب بدفع الضرائب من الدولة، ولكنه لا يدفع كامل الضرائب، وإنما يسدد المبلغ الذي تبقى معه رخصة محله سارية، ويقول أن دفع الضرائب للشيوعيين ليس فيه نفع لنا، فهل تصرفه هذا جائز؟

حكم التهرب عن دفع الضريبة في بلاد غير المسلمين

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالواجب على من يقيم في أي بلد، سواء كان هذا البلد من بلاد المسلمين أم من غيرهم أن يلتزم بما توجبه عليه أنظمة هذا البلد، مالم يكن ذلك أمرًا محرمًا في شريعة الإسلام، بمعنى أنه غير ملزم بإباحة لحم الخنزير مثلًا في البلد غير المسلم، وليس ملزمًا بإباحة الخمر أو أي أمر محرم، ولكنه ملزم بالأفعال الأخرى في هذا البلد، والأصل فيه قول الله – تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ} [النساء: 59]، والأصل فيه أيضًا في السنة قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ومن أطاع الأمير فقد أطاعني، ومن عصى الأمير فقد عصاني)([1]).

هذا من حيث الواجب الشرعي، فإذا أقام المسلم في أي بلد وجب عليه شرعًا الالتزام بنظمه وما يضعه من قواعد؛ لأن هذا المسلم الذي يقيم في بلد غير مسلم يستفيد من أمنه، ويستفيد من العيش فيه؛ فالواجب عليه ألا يخرج عن أنظمته بحجة أن هذا البلد غير مسلم؛ فالضرائب مما تفرضها الدول لتسيير أمورها، فلا يجوز شرعًا الامتناع عن دفعها؛ بحجة أن هذا البلد غير مسلم، وفي حكم السؤال يجب على المقيم في روسيا أو غيرها دفع الضريبة كاملة غير منقوصة، حسب ما تحدده الأنظمة هناك؛ أسوة بمواطنيها والمقيمين فيها.

والله -تعالى- أعلم.

[1] – أخرجه البخاري (٧١٣٧)، ومسلم (١٨٣٥)، أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم (4556).