سؤال من الأخت: أم عبد الله، من الجزائر، تقول فيه: ما حكم بيع الماء المرقي فيه؟

حكم بيع الماء المرقي فيه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فقد ذهب جمهور العلماء إلى جواز أخذ الأجر على الرقية؛ استدلالًا بحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-: أَنَّ أنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانُوا فِي سَفَرٍ، فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ فَقَالُوا لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ؟ فَإِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: نَعَمْ، فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَبَرَأَ الرَّجُلُ فَأُعْطِيَ قَطِيعًا مِنْ غَنَمٍ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَقَالَ: حَتَّى أَذْكُرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا رَقَيْتُ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: ((وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟))، ثُمَّ قَالَ: ((خُذُوا مِنْهُمْ وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ مَعَكُمْ))([1]).

وتجوز الرقية إما بالنفث مباشرة على المريض، وهو الأفضل؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقى بالنفث على ثابت بن شماس أو تكون الرقية في الماء أو نحوه، يشربه المرقي عليه أو يصب عليه.

هذا في عموم المسألة، أما عن سؤال الأخت عن بيع الماء المرقي فلا حرج في ذلك، إن شاء الله، سواء كانت في ماء أو زيت أو نحو ذلك، ولكن يجب أن يكون الراقي محتسبًا الأجر في رقى المريض وليس مجرد بائع للماء؛ فالنية أساس العمل؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))([2]).

والله -تعالى- أعلم.

 

([1]) أخرجه البخاري، كتاب: الإجارة، باب: ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب، برقم: (2276)، (3/92)، ومسلم، كتاب: السلام، برقم: (2201)، (7/19)، واللفظ له.

([2]) أخرجه البخاري، كتاب: بدء الوحي، باب: كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله، برقم: (1)، (1/6)، ومسلم، كتاب: الإمارة، برقم: (1907)، (6/48).