سؤال من الأخت أم عبد الرحمن من مصر، تقول: انتشر في هذه الأيام بيع الحيوانات وتداولها بين الناس، وعلى الأخص الكلاب والقطط، ما الرأي الشرعي في الموضوع؟

حكم بيع الكلاب والقطط

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين محمد، وآله وصحابته أجمعين، أما بعد:

فبيع الكلاب والقطط واقتناؤها ظاهرة معلومة، ولها أسبابها الاجتماعية والنفسية، وخاصة في الوقت الحاضر ما تتعرض له بعض البلدان، من ضعف التواصل الأسري والاجتماعي وسيطرة الوحدة والانعزال على الأفراد المسنين؛ وبسبب هذه الظاهرة هناك أحكام وقواعد لاقتناء هذه الحيوانات، وانتقال هذه الظاهرة إلى بعض الشباب المسلمين أمر وارد؛ بسبب الاتصال، إضافة إلى بعض الأسباب المتعلقة بالتربية، وما يتعرض له بعض هؤلاء من الفراغ والمشاعر النفسية المرتبطة بعدد من الأسباب وأهمها التربية. هذا في العموم. أما عن سؤال الأخت عن بيع الكلب والحكم الشرعي فيه، فهو في الأصل نجس العين فإذا ولغ في إناء وغيره وجب تطهيره سبع مرات؛ لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (طُهورُ إناءِ أحَدِكم إذا وَلَغ فيه الكَلبُ: أنْ يَغسِلَه سَبْعَ مرَّاتٍ، أُولاهُنَّ بالتُّرابِ)([1])، وقد وردت فيه عدة أحاديث منها قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ
بَيْتًا فيه كَلْبٌ ولَا صُورَةٌ)([2])، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا، إلَّا كَلْبًا ضارِيًا لِصَيْدٍ أوْ كَلْبَ ماشِيَةٍ، فإنَّه يَنْقُصُ مِن أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيراطانِ)([3])، وعلى هذه لا يجوز اقتناؤه إلا إذا كان هناك حاجة لاقتنائه؛ كحراسة الزرع والماشية، أو الصيد أو نحو ذلك مما ينتفع منه، كشم المخدرات أو السلاح ونحو ذلك من وجوه الانتفاع المشروعة.

أما ما عدا ذلك من تربيته واقتنائه للزينة واللعب به في البيوت والأسواق؛ قصد اللهو فالأصل أن ذلك لا يجوز لانتفاء الفائدة والانتفاع منه.

أما السؤال عن القطط فالحكم يختلف، فقد وصفها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنها من الطوافين علينا، فيما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قالَ: (إنَّها لَيسَت بنجَسٍ إنَّما هيَ مِنَ الطَّوَّافينَ عليكُم وقد رأيتُ رسولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يتوضَّأُ بفضلِها)([4])، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض)([5])، فعلى هذا فالقطط طاهرة فيجوز اقتناؤها مثلها في ذلك مثل الحيوانات الأخرى التي ينتفع منها، كالبغال والحمير وكل ما يكون فيه انتفاع للعباد؛ لقول الله -عز وجل-: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: ٥].

قلت: والإباحة لأمر مَّا، كالقطط لا يعني خروج هذه الإباحة عن المراد منها، وهو طوافة في البيت لأكل القوارض وخشاش الأرض، فالإفراط في اقتنائها وتداولها لا يعني تجاوز المراد منها، كما يفعل بعض المقتنين لها من تزيينها باللباس والحلي ونحو ذلك، مما يعد من اللهو واللعب وسفه الفعل والسلوك.

فالحاصل أن الكلب نجس العين ولا يجوز اقتناؤه، إلا إذا كان للحراسة أو الصيد، أو لوجوه الانتفاع الأخرى، كالانتفاع منه لدفع ضرر لا يندفع إلا باستخدامه، أما القطط فيجوز اقتناؤها، ومع ذلك لا يجوز تجاوز الإباحة إلى غير المراد منها؛ لأنها تصبح حينئذ سفهًا في الفعل والسلوك.

والله – تعالى- أعلم.

 

[1] – رواه مسلم (279).

[2] – أخرجه البخاري برقم: (٣٣٢٢)، ومسلم برقم: (٢١٠٦).

[3] – أخرجه البخاري (5481)، ومسلم (1574)

[4] – رواه مالك وأحمد وأهل السنن الأربع، أخرجه أبو داود (٧٦) واللفظ له، والبيهقي (١٢١٠) باختلاف يسير، والوضوء بفضل الهرة أخرجه ابن ماجه (٣٦٨)، صححه الألباني في صحيح النسائي، (٦٨).

[5] – صحيح البخاري: 3071.