الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
محل عصير يكتب: ﴿وسقاهم ربهم شرابًا طهورًا﴾، وحلاق يكتب ﴿وجوهٌ يومئذٍ ناعمةٌ﴾، ومطعم يكتب: ﴿كلوا من طيبات ما رزقناكم﴾، وخياط يكتب: ﴿وكل شيء فصَّلْنَاهُ تفصيلًا﴾، ومحل بيع تمر يكتب: ﴿وهزي اليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبًا جنيًّا﴾، وميكانيكي يكتب: ﴿إن أريد إلا الإصلاح﴾.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالجواب عن سؤال الأخت من وجهين:
الوجه الأول: أن القرآن الكريم منزل من الله على رسول الله محمد-صلى الله عليه وسلم-، وقد وصفه الله-عز وجل-بأنه عظيم، أي: في ألفاظه ومعانيه ودلالاته وأحكامه، وأنه محفوظ في اللوح المحفوظ، لا يمسه أحد من الملائكة أو الإنس أو الجن إلا طاهرًا، وقد بيّن-عز وجل-أن هذا القرآن منزل منه وحده، وقد تكفل بحفظه في السماوات والأرض في قوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (الحجر: 9)، وهذه الأوصاف مؤكدة في قوله: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة: 77-79)؛ فاقتضى هذا وجوبَ تكريمِ القرآن الكريم وتعظيمِه، ومن هذا التعظيم: عدم وضع آياته في الأماكن المبتذلة، كورش السيارات أو المطاعم أو محلات البيع، أيا كان مسماها ونوعها.
فالآيات التي أشارت الأخت إلى وجودها في بعض المحلات ليس هذا محلَّها الصحيحَ، فلا يجوز وضعها في هذه الأماكن، فمع أنها ليست في مكانها الصحيح، وأن نية أصحاب هذه المحلات حسنة، إلا أنه يجب تكريمُ آيات القرآن وتعظيمُها بعيدًا عن الدعاية والإعلان والابتذال.
الوجه الثاني-: أنه إذا كان المقصودُ وَضْعَ آيات من القرآن، وتعليقَها في المنازل أو نحوها، وأنه لهدف التعلق بالقرآن، وحُبِّهِ، والاتعاظِ بما ورد فيه عن أحوال الأمم، واستذكار ما فيه من القصص والعبر، والاستهداء بما فيه من الأوامر والنواهي، فهذا جائز إذا كان المكان طاهرًا غير مبتذل.
فالحاصل: أنه لا يجوز وضع آيات من القرآن الكريم أو تعليقها في محلات البيع، أو المحلات المبتذلة؛ لأن في ذلك إهانةً لكلام الله الذي عظَّمه، وأمر عباده بتعظيمه؛ لما فيه هدايتهم وبشراهم؛ لقوله-عز وجل-: ﴿إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ ( الإسراء:9).
أما وضع الآيات أو تعليقها في مكان طاهر فهذا لا بأس به، إذا كان القصد منه حُبَّ القرآن، وتذكُّرَه، والاتعاظَ بما ورد فيه. والله-تعالى-أعلم.