الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالمفروض أن يصلي الصبي منذ بلوغه عشر سنين؛ لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها، وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع).([1]) وفي هذا الأمر النبوي حكمة عظيمة؛ لأن الصبيان يجب أن يتعودوا الصلاة منذ صغرهم، فتكون جزءًا من حياتهم وسلوكهم، فمن طبع الإنسان أن يظل على ما تعوده، ومن هنا تنشأ مسؤولية الوالدين عن تربية أولادهم، وما يجب عليهم من تعويدهم فهم دينهم منذ صغرهم .
وقد يكون الوالدان قد عملا ما في وسعهما من هذه التربية، فيلهو الولد فيغفل، ويبلغ ما بلغ من العمر، ثم يستذكر فعله فيستيقظ من غفلته، والشاب في السؤال أدرك ما يجب عليه من أداء الصلاة في أوقاتها بأركانها وشروطها، وهنا تسأل والدته عمّا إذا كان يترتب عليه أداء ما فاته الصلاة طيلة تسع سنوات .
والجواب عن هذا أن الصلاة تجب وجوب عين على المسلم منذ بلوغه الحلم، وحينئذ لا يجوز له تركها أو تأخيرها عن أوقاتها، فإن تركها عمدًا يعد كافرًا؛ لأنه ترك ركنًا من أركان الإسلام، وإن تاب توبة نصوحًا عفا الله عنه، كما قال -عز وجل- : (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ)(الأنفال:38). وإن تركها تهاونًا تعرض للعذاب الشديد؛ لقوله – تعالى-:(فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ،الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)(الماعون:4-5) وهذا عليه أن يتوب إلى الله توبة نصوحًا، بشروطها الثلاثة : الإقلاع عن المعصية ( أي التهاون في الصلاة ) والعزم على عدم التهاون فيها، والندم على ما حدث منه من التهاون فيها؛ حتى لا يحيق به العذاب.
أما قضاء ما فاته منها، فإن جمعًا من العلماء يقول بوجوب قضاء الفوائت، وخالف في ذلك بعض أئمة المذهب الحنبلي والإمام ابن حزم، ولعل الصواب أن القضاء لا يكون لازمًا إذا كان الفائت من الصلاة كثيرًا، كما هو الحال في المسألة، فالأولى عدم وجوب القضاء؛ لأن من ترك الصلاة تسع سنين يلزمه أن يصلي (16425)صلاة، والقول بهذا يؤدي إلى المشقة، والله أرحم من أن يشق على عبده، فإذا تاب العبد وأصلح العمل فحري أن يبدل الله سيئاته حسنات.
والحاصل أنه لا يجب على الشاب في السؤال قضاء ما فاته من الصلاة، وعليه أن يجدد علاقته بالله -عز وجل- ويكثر من العمل الصالح. نسأل الله -عز وجل-أن يتوب عليه، ويصلح شباب المسلمين، ويجنبهم مزالق السوء. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
[1] – أخرجه أبو داود برقم (495).