الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فالحلف بالله أمر عظيم؛ لأن الله هو المقسم به ولا يكون هذا القسم إلا حقا وصدقا، فمن تعمد الحلف به وهو كاذب، فقد افترى إثما مبينا وفي هذا قال جل في علاه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ [الصف:7]. وقال تقدس اسمه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النحل:116-117]، وقد أمر عز وجل بحفظ الأيمان فقال تعالى: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ﴾ [المائدة:89). وحذر عز وجل من جعله سبحانه عرضة للقسم به في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة:224]. ولا يستثنى من ذلك إلا اللغو في اليمين كقوله: (والله وبالله) وتحريم ما كان ينعقد في القلب لقول الله عز وجل: ﴿لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾ [البقرة:225].
هذا في عموم المسألة: أما الجواب عن سؤال الأخت فإن من كذب على الله متعمد فلا ينعقد يمينه ويعد يمينا غموسا، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: (جاءَ أعْرابِيٌّ إلى النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ. قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ. قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هو فيها كاذِبٌ.)([1]).
والله تعالى أعلم.
[1] – أخرجه البخاري برقم: (6920).