سؤال من الأخت أم آدم من الجزائر، يقول: هل يجوز هجران الزوج الذي يسيء معاملة زوجته، ويسبها ويمنعها من زيارة أهلها أو استقبالهم في بيتها، فهي لو هجرته هل تأثم؟

معاملة الزوجة لزوجها

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

    فالواجب على الزوج ألا يسيء لزوجته بأي صفة من صفات الإساءة، فمن خصائص الزواج وقواعده المودة والمحبة وحسن العشرة والتوافق بين الزوجين؛ من أجل بناء أسرة صالحة تكون من مكونات الأمة في إطارها الشامل؛ فالأمة -أي أمته- مجموعة من الأسر المكونة لها، فإذا تأثرت هذه الأسر في مسيرتها تأثرت الأمة بلا شك في هذا المسيرة، وأسوأ ما تكون عليه حال الأسرة إذا اختصم الزوجان بين أولادهما، وما قد يؤدي إليه هذا الخصام من تفككها وضياع الأولاد وتشردهم، قال الله -عز وجل-: (وَمِنْ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُوٓاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم: ٢١]، فما كان هذا إلا رحمة من الله -عز وجل-بعباده، فالإخلال بهذا إخلال بما أراده الله، والزوج الذي يعتقد أن قوامته على زوجته يعطيه الحق في الإساءة لها اعتقاد فاسد؛ فكما أن عليها حقًا لزوجها في طاعته، فإن عليه حقًا في عدم الإساءة إليها.

          هذا في العموم، أما في سؤال الأخت فالواجب الشرعي على زوجها ألا يسيء إليها بأي صفة من صفات الإساءة، أو يعنفها أو يمنعها من زيارة أهلها. هذا كله خطأ ومخالفة لأمر الله وشرعه في قوله -عز ذكره-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) [النساء: ١٩].

   أما السؤال حول هجرها لزوجها، فالأفضل عدم هجرانه؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى خطأ أكبر من هذا، فينبغي أن تصبر الزوجة لتحظى بالأجر على صبرها، وحفظها لكيان أسرتها، والأصل في هذا قول الله -عز وجل-: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ ۖ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ) [النحل: ١٢٦]، فعسى أن يكون في صبرها مراجعة زوجها لسلوكه معها، فإن لم يفعل فقد ظلم نفسه، ولها أن ترجع للقضاء. والله -تعالى- أعلم.