الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فوقت صلاة العشاء من غياب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، والأصل فيه حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أعتم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بالعتمة، حتى ناداه عمر: نام النساء والصبيان، فخرج النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: (ما ينتظرها أحد غيركم من أهل الأرض) ولا يصلى يومئذ إلا بالمدينة، وكانوا يصلون العتمة فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول)([1]) وفي حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-قال( انتظرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليلة صلاة العشاء حتى ذهب نحو من شطر الليل، قال: فجاء فصلى بنا، ثم قال: ( خذوا مقاعدكم، فإن الناس قد أخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها، ولولا ضعف الضعيف، وسقم السقيم، وحاجة ذي الحاجة، لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل)([2]). فدل هذا على أنه يستحب تأخير صلاة العشاء إلى آخر وقتها المختار أي نصف الليل؛ لما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أعتم النبي – صلى الله عليه وسلم – ذات ليلة حتى ذهب عامة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثم خرج فصلى، فقال:(إنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي)([3]) هذا هو الوقت المستحب، ولكنه -عليه الصلاة والسلام- أرأف بأمته واشفق عليها، فذكر حالة الضعيف والسقيم وأصحاب الحاجات، فلم يجعل هذا الوقت هو الوقت اللازم والمحدد لهذه الصلاة، وفي هذا الزمان الذي يعمل فيه الناس طيلة يومهم يكون من الصعب عليهم انتظار الصلاة في هذا الوقت المتأخر من الليل، فيكون وقتها اللازم من غياب الشفق الأحمر إلى جزء معلوم من الليل. والله – تعالى- أعلم.
[1] – أخرجه البخاري برقم (864).
[2] – أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (11015).
[3] – أخرجه مسلم برقم (638).