سؤال من الأخت أمينة من الجزائر، تقول فيه: هل أغاني الزمن الجميل للمطربين الكبار غير محرمة؛ إذ إنها تتكلم عن الحب والغرام معظمها؟.

الغناء بين تحريمه وإباحته

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فترى طائفة من الفقهاء إباحة نوع من الغناء، كغناء النساء في الأعراس والولادة والحرب، ومن يغني لنفسه، والأناشيد، وكالغناء في الأسفار، على ألا يكون هذا مُلْهِيًا أو صادًّا عن ذكر الله، أو يؤدي إلى الغفلة والسهو عن واجب العبد في عبادته لربه، وأن يكون مما تألفه الطباع السليمة.

واستدل من قال بهذا بأن للنفس فوائضَ ومشاعرَ وأحاسيسَ، وأن العبد معرض للسرور والحزن والضحك والبكاء، وأنه لا يستطيع كبت هذه الفوائض، والشاهد فيه قول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: «إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد»([1]).

وقوله -عليه الصلاة والسلام-: «يا بلال! أقم الصلاة، أرحنا بها»([2])، وفي هذا دلالة على ما تشعر به النفس من الملل، وما تحتاجه من الراحة، وقالت هذه الطائفة: إن دين الإسلام إذا كان يحرم اللهو والعبث فذلك لا يعني إغفال أحاسيس الإنسان.

وفي الجانب الآخر ترى طائفة من الفقهاء كراهة الغناء كراهة تحريم، واستدلوا على ذلك بأدلة من الكتاب، والسنة، وأقوال علماء الأمصار، ولكن المتفق عليه بين من يقول بالإباحة أو التحريم أن الغناء الماجن محرم بلا خلاف؛ لما يثيره في النفوس من الغرائز، والصَّدِّ عن ذكر الله؛ فاقتضى ما ذكر-جوابًا للأخت السائلة-إباحة الغناء المتوارث في الأمصار، كالغناء في الأعراس والأفراح والأسفار، ونحو ذلك مما تألفه الطباع السليمة، وتحريم كل غناء ماجن يؤدي إلى الصد عن الذكر، وإثارة الغرائز، واستفزاز النفوس، والعبث بالألفاظ، ونحو ذلك مما يؤثر في الأخلاق، ويثني الشباب عن العلم، ويدفعهم إلى الاسترخاء، والبعد عن مظان القوة. والله -تعالى- أعلم.

[1] – رواه البيهقي في شعب الإيمان برقم: (1859)، ضعف إسناده  الألباني في هداية الرواة، (٢١٠٩).

[2] – أخرجه أبو داود برقم : (4985)، صححه الألباني في صحيح أبي داود، (٤٩٨٥).