سؤال من الأخت أميرة من الجزائر، يقول: هل الشريعة فرقت في مسألة النقاب وتغطية الوجه، بين المرأة الشابة والمرأة الكبيرة فوق خمسين سنة؟

الفرق بين نقاب المرأة وتغطية وجهها والفرق بين الشابة وكبيرة السن

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فظاهر سؤال الأخت عن أمرين : الأول : الفرق بين النقاب وتغطية الوجه، والأمر الثاني الفرق بين الشابة وكبيـرة السن في ذلك.

 والجواب أن النقاب يغطي عينـي المرأة مع تغطية الوجه، فلا يظهر منها إلا العين أو العينان، فتكون بذلك قد سترت وجهها عن الرجال، إلا إذا كانت في حـج أو عمرة فلا تنتقب. والأصل في ذلك  نهـي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  عن الانتقاب للمحرمة بقوله : (… ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين»)([1]).

  أما تغطية الوجه، فالمراد منه به ستر  كامل الوجه بما فيه العينان، وهذا هو الأكمل؛ لأن في العنين ما قد يفتن المرأة نفسها عند نظر الرجال، كما قد يفتن الرجال بها .

   وكما أن المرأة لا تنتقب إذا كانت محرمة بحج أو عمرة، فكذلك لا تغطي وجهها إذا كانت محرمة.

 أما عن الفرق بين المرأة الشابة وكبيـرة السن، فواضـح في طبيعة كل منهما؛ فالشابة محل الفتنة، سواء في افتتان الرجال بها أو افتتانها نفسها، فكان من الواجب عليها الستر أو تغطية وجهها، وهو الأفضل والأكمل. أما  الكبيـرة في سنها فلم تعد محل فتنة، سواء لها نفسها أو للرجال. وقد بين الله حكمها في قوله -جل وعلا- : (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْـرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(النور:60). والقواعد هنا كبيـرات السن ( العجائز )، اللاتي تبدلت حالتهن بسبب الكبـر  والعجز؛  ولأن الرجال لا ينظرون إليهن، جعل الله لهن رحمة ورخصة كما قال بذلك بعض أهل العلم([2])، فلا جناح عليهن أن يكشفن عن وجوههن،  بل قيل الكشف عن شعرهن ([3]). ومع ذلك عليهن ألا يتبـرجن أو يتـزين؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى الفتنة، ولو كن على تلك الحال من السن .

  هذا هو الأصل في استثنائهن، ومع ذلك ينبغـي لهن العفاف والستر؛ لأن ذلك هو الخيـر لهن والبعد بهن عن الفتنة، التـي قال فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (إن الدنيا حلوةٌ خضرةٌ، وإن اللهَ مستخلفُكم فيها، فينظرُ كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساءَ، فإن أولَ فتنةِ بني إسرائيلَ كانت في النساءِ)([4]).

 وما أخبر عنه الصادق والمصدوق يدل على أن النساء في عمومهن يتعرضن للفتن، وأن درء هذه الفتن يكون بالستر والعفاف .

  فالحاصل جوابًا للأخت أن النقاب يفتـرق عن تغطية الوجه، بكونه يستثني  العينين، فتظهر المرأة عينها أو عينيها مع تغطية وجهها، فمن الستر أن تنتقب المرأة إذا لم تكن محرمة بحـج أو عمرة، أما تغطية الوجه، فالمراد أن تكون هذه التغطية كاملة. أما الفرق بين المرأة الشابة وكبيـرة السن، فهو  أن الشابة معرضة للفتنة، فكان عليها أن تنتقب أو تغطي وجهها كاملًا . أما الكبيـرة في السن، فلا يخشى عليها من الفتنة؛ فلا حرج عليها إذا وضعت الغطاء عن وجهها، وحتى شعرها، ولكن يجب عليها مع ذلك الستر وعدم التبرج والزينة .

                           والله -تعالى- أعلم.

[1] – أخرجه البخاري برقم: (1838).

[2] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 12/308-309.

[3] – الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 12/308-309.

[4] – أخرجه مسلم برقم : (2742).