الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
ظاهر السؤال أن شخصًا يدخر مالًا لبناء مسكن له، وينتظر الدعم من الدولة لتكملة المبلغ الذي لديه لبناء مسكن له ولعياله.
والجواب: أن الزكاة تجب على المال الذي يدخره صاحبه لغرض الادخار، في غير حاجة له في شراء طعامه أو لباسه أو مسكنه، فهذه أسس لحياة العبد، ويدل على هذا قول الله -عز وجل- لآدم بأنه في الجنة لن يجوع فيها ولن يعرى، ولن يظمأ فيها ولن يضحى، من شدة الشمس، قال -عز وجل- : {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ}، [طه: 118-119]، ([1]).
فالمراد بالزكاة هو الكنز، حيث توعد -عز وجل- أصحاب الكنز الذين لا يزكون بقوله -جل في علاه- {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، [التوبة:34]. فالمال للكنز هذا هو المال الذي تجب فيه الزكاة، أما إذا كان صاحب المال يدخر شيئًا هو في حاجة له؛ لطعامه وشرابه ولباسه ومسكنه ولعياله، أي ضرورات حياته فهذا المال لا زكاة فيه، فهذا وأمثاله ليسوا من الأغنياء الذين تجب عليهم الزكاة. والأصل فيه قول رسول الله – -صلى الله عليه وسلم- -: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى)([2]).
وخلاصة القول جوابًا للسؤال: أن هذا المال المدخر للسكن ليس فيه زكاة.
والله – تعالى- أعلم.
([1]) ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ﴾: أي: لن يمسّك فيها جوع ولا عري، وذلك خلافًا لأهل الدنيا الذين قد يتعرضون لذلك. ﴿وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ﴾ ، الضَّحاء: شدة وهج الشمس، أي: لا تعطش فيها، ولا تصيبك فيها شمس. ينظر: التفسير المبين للشيخ الدكتور عبد الرحمن بن حسن النفيسة ج5 ص 444.