الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فظاهر سؤال الأخت ربما ينصب على تقطير البول الدائم، ويسمى سلس البول، والمراد به عدم انقطاع البول من صاحبه. وهذا السلس قد يكون بولًا أو يكون على نحوه مما قد يخرج من السبيلين، وهو مثل حالة الاستحاضة للمرأة، والأصل في ذلك قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لفاطمة بنت أبي حبيش وهي كانت مستحاضة:( تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ)([1])،وتقاس عليها حالة السلس وقد ذكر الفقهاء- رحمهم الله- تفصيلًا، خلاصته أن من كان مصابًا بهذا الحدث يتوضأ لكل صلاة، ويشترط فيه وضع عصابة أو لفافة على محل الحدث، ويتوضأ لكل فريضة من فرائض الصلاة بعد دخول وقتها، ويجب عليه أن يجدد العصابة أو اللفافة عند كل فريضة، وقال بهذا الأحناف([2]) والشافعية([3])، أما الحنابلة فقالوا: إن من كان حدثه دائمًا أن يتوضأ لكل وقت، ويصلي به ما شاء من الفرائض والنوافل([4]). أما المالكية، فلا يقولون بالوجوب بل بالاستحباب ([5]).أما السؤال عن التيمم، فإذا كان صاحب الحدث لا يجد الماء، فلا يمنع من أن يتيمم ويجدده عند كل فريضة.
فالحاصل أن من به سلس البول أو نحوه مما يخرج من السبيلين، أن يضع عصابة أو لفافة على مكان الخارج، ويجدد الوضوء لكل صلاة، فإن كان لا يجد الماء فيتيمم مثل حالة الصحيح.
والله-تعالى-أعلم.
[1] أخرجه البخاري (228)، ومسلم (333).
[2] ((البحر الرائق)) لابن نجيم (1/227)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (1/185).
[3] ((المجموع)) للنووي (2/533)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/111).
[4] ((الإنصاف)) للمرداوي (1/269)، وينظر: ((الشرح الكبير)) لابن قدامة (1/354).
[5] ((مواهب الجليل)) للحطاب (1/205)، ((حاشية العدوي)) (1/136).