سؤال من الأخت”م .ي ” من الجزائر تقول فيه: أخت تعرضت للسحر من قبل امرأة ساحرة، هي تسأل: لو أنها أخبرت الناس، وأعلنت لهم خطورة هذه المرأة بقصد درء الشر عنهم، فهل تأثم؟.

التشهير بمن يمتهن السحر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:

فظاهر السؤال عما إذا كان ينبغي للسائلة أن تبلغ عن الساحرة التي سحرتها، وما إذا كانت تأثم إذا فعلت هذا البلاغ.

والجواب: أن السحر من أعظم المنكرات وأشدها خطورة؛ لما فيه من الفساد والإفساد، وهو محرم بنص الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقول الله-عز وجل-: ﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ (البقرة:102)، وأما السنة فقول رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيما رواه أبو هريرة-رضي الله عنه-: «اجتَنِبوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ»، قيل: يا رَسولَ اللهِ، وما هُنَّ؟ قال: «الشِّركُ باللهِ، والسِّحرُ..»([1])، وأما الإجماع فقد أجمعت الأمة في سلفها وخلفها على تحريمه، قال ابنُ قُدامةَ-رحمه الله-: “إنَّ تعَلُّمَ السِّحْرِ وتعليمَه حرامٌ، لا نعلَمُ فيه خِلافًا بين أهلِ العِلم، قال أصحابُنا: ويَكفُرُ السَّاحِرُ بتعَلُّمِه وفِعْلِه، سواءٌ اعتقد تحريمَه أو إباحتَه”([2]).

وهو على أنواع، منها: التفريق بين الزوجين كما قال الله-عز وجل-: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ (البقرة: 102)، ومن أنواعه-كما يقال-: سحر المحبة، وسحر الكراهية، وسحر السيطرة، وغير ذلك من أنواع السحر، فلهذا يعد السحر كفرا، فتحرم صنعته، أو تعليمه، فمن يمتهنه عامدا متعمدا يعد كافرا، وفي هذا قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فيما رواه جندبُ بنُ عبدِ اللهِ البجليُّ-رضِيَ اللهُ عنه-: «حدُّ الساحرِ ضربُه بالسيفِ»([3]).

هذا في عموم المسألة، أما عن السؤال فلا حرج على الأخت السائلة إذا حذرت منها، وبلغت عنها بالطريقة المناسبة، فمع أنه لا يجوز للعبد أن يجهر بالسوء من القول، فإن مَنْ ظُلِمَ يستثنى من ذلك، والأصل فيه قول الله-تعالى-: ﴿لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾ (النساء:148)، فما تعرضت له السائلة من السحر يعد ظلما لها، فلا حرج عليها إذا شهرت بمن سحرتها. والله-تعالى-أعلم.

[1] أخرجه البخاري (2766)، ومسلم (89).

[2] ((المغني)) (12/300).

[3] مجموع فتاوى ومقالات بن باز 117/8، أخرجه الترمذي برقم (1460)، ضعفه الألباني في ضعيف الترمذي، (١٤٦٠)..