الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد، أما بعد:
فقد ذكرنا من قبل أنه يجب التفريق بين من لا يصلي وهو جاهد لوجوب الصلاة أو مجرد متهاون فيها، فإن كان جاهدا لوجوبها متعمدا لهذه الجحود فهذا يعد كافرا لقول الله عز وجل: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا) (النساء:103)، أي مفروضا، وقوله جل في علاه: (وأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) (البقرة:43). هذا هو الأصل من الكتاب.
أما الأصل من السنة: فقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه-: “إنَّ العهدَ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ. فمن تركها فقد كفر”([1])، فإذا كان الزوج المشار إليه لا يصلي متعمدا جحود فرضية الصلاة فلا يحل لزوجته أن تمكنه من نفسها؛ لأن الله عز وجل قال: (لَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء:141).
أما إن كان الزوج المشار إليه لا يصلي تهاونا وتغافلا عن الصلاة، فهذا وإن عده بعض أهل العلم كافرا إلا أنه لا يزال على إسلامه، وقد وعد الله المتهاون في الصلاة بالعذاب الشديد في قوله تقدس اسمه: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون:4-5).
ومع هذا لا يجوز للزوجة الامتناع عن فراشه لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: “إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِرَاشِهِ فأبَتْ فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا لَعَنَتْهَا المَلَائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ”([2])، فالواجب على الزوجة دعوته إلى الصلاة وتذكيره بعقوبة تاركها، وتحذيره من العذاب الشديد الذي وعد الله به تارك الصلاة.
والله تعالى أعلم.
[1]: أخرجه الترمذي (2621)، والنسائي (463)، وابن ماجه (1079)، وأحمد (22987)، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (462).
[2] أخرجه مسلم (1436).