الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فإن الله قد شرع الأضاحِيَ لعباده؛ لكي يتقربوا بها إليه، فيحصلَ لهم بذلك الأجر والثواب، والأصل فيها الكتاب والسنة، وقد عرفها المسلمون في مراحل تاريخهم، لا يختلفون فيها، ولكن الفقهاء اختلفوا في كونها سنة أو واجبة.
فعند الإمام أبي حنيفة: تجب على القادر شكرًا لنعمة الله على الحياة، وإحياء سنة نبي الله إبراهيم-عليه السلام-([1]).
وفي مذهب الإمام مالك: أنها سنة من السنن، ويندب الناس إليها، ولا يرخص لهم في تركها وإن كان الرجل فقيرًا([2]).
وعند الإمام الشافعي: أنها سنة مؤكدة، ومَنْ تَرَكَها غيرَ راغب عنها فلا حرج عليه([3]).
وعند الإمام أحمد: أنها سنة مؤكدة، ويكره تركها مع القدرة، ولا تجب إلا إذا كانت بنذر([4]).
فعلى هذا تعد الأضحية سنة مؤكدة، وليست بواجبة في قول جمهور العلماء، والأخ في السؤال يقول: إنه سوف يستدين لشرائها، والدَّيْنُ عبء على صاحبه، والله -عز وجل- لم يكلف عباده في طاعته وتقربهم إليه بما لا يطيقون، فالمريض إذا عجز عن عبادته يكتب له أجر ما كان يعمله وهو صحيح. والأصل فيه قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا مرض العبد، أو سافر، كُتِبَ له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا»([5])، والنية أساس في العمل، فمن يتطلع إلى التقرب إلى ربه بأضحية ونحوها، وهو لا يستطيع، تُكتب له نيتُه، والأصل في ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»([6])، فإن كان الأخ يشق عليه شراء الأضحية، فالأفضل له تركها، أما إن كان يستطيعها فذلك خير، فالأمر واسع، والحمد لله.
([2]) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 118، 119.
([3]) تحفة المحتاج مع حاشية الشرواني 8 / 141.
[4]) المغني، لابن قدامة 9/ 435.