سؤال‮ ‬حول التعليق بالمشيئة، وأن بعض المسلمين‮ ‬يتهاون في‮ ‬هذه المسألة فيقول، إنه سيفعل كذا وكذا، ولا‮ ‬يستثني‮ ‬أي‮ ‬لا‮ ‬يرد فعله إلى مشيئة الله عز وجل‮ .‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

أفعال العباد‮ ‬يجب ردها إلى مشيئة الله عز وجل‮.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

الأصل أن كل أفعال العباد بمشيئة الله عز وجل، وهذه حقيقة التوحيد فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن؛ ذلك أنه عز وجل خلق العباد بإرادته ومشيئته وحكمته، والمخلوق بهذه الصفة لا يقدر أن يفعل شيئًا إلا بمشيئة خالقه وإرادته، وفي هذا قال تعالى:  {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ}  [الأعراف: 881]. وقال: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين}  [التكوير: 92]. وقال عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوب} [الحج: 37]. فدل هذا حكمًا وعقلًا على أن أقوال العباد وأفعالهم واقعة تحت مشيئة خالقهم، وسوف يحاسبون ويجزون عليها، قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِين * كِرَامًا كَاتِبِين * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُون} [الانفطار: 01-21].

والدلائل في وجوب رد الفعل إلى مشيئة الله عز وجل بينة في كتاب الله وفي سنة رسوله محمد r وفي المعقول والمحسوس. أما الكتاب فقول الله جل ثناؤه لنبيه ورسوله محمد r:  {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99]. وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً} [هود: 811]. وقوله تعالى: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}  [الإسراء: 86]. وقوله عــز ذكــره: {إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} [النساء: 331]. وقوله تقدست أسماؤه وصفاته: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَافُونَ} [الفتح: 72]. والآيات في هذا كثيرة. ولم يكن هذا الأمر والتوجيه لنبي الله ورسوله محمد r وأمته فحسب، بل كان أمرًا وتوجيهًا لأنبياء الله ورسله كافة، فقد قال نوح عليه الســلام لقومه:  {إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِين}  [هود: 33]. وقال إبراهيم الخليل عليه السلام لقومه: {وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُون} [الأنعام: 08]. وقال شعيب عليه السلام لقومه: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا}  [الأعراف: 98]. وقال يوسف عليه السلام لأبيه وأسرته:  {ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِين} [يوسف: 99] .

وأما السنة فالأحاديث كثيرة، منها قول رسول الله r: (إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء)([1]). وقوله عليه الصلاة والسلام: (اشفعوا تؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما شاء)([2]). ولما جاء رجل إليه يكلمه في حاجة، فقال الرجل: ما شاء الله وشئت. قال عليه الصلاة والسلام: (أجعلتني لله ندا وهو خلقك ما شاء الله وحده)([3]). وقوله عليه الصلاة والسلام: (إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد يصرفه كيف يشاء)([4]). ومن دعائه عليه الصلاة والسلام: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك)([5]).

وأما المعقول والمحسوس فإن المخلوق لا يقدر أن يفعل شيئًا دون إرادة خالقه المدبر له والمتصرف فيه، فهل يقدر هذا المخلوق -مثلًا- أن يمشي على الأرض لو لم يكن خالقه قد أوجد فيه هذه القدرة من حركة وغيرها، وهل يقدر على الأكل أو الشرب لو لم يكن خالقه قد أوجد فيه هذه الرغبة، وهكذا في كل الأفعال التي

 

يعجز العبد عن إحصائها.

وأهل الضلال في مسألة المشيئة فرقتان: الأولى: قوم نفوا المشيئة بالكلية، فقالوا: إن في الوجود ما لا يشاء الله وإن يشأ ما لا يكون، فعلى هذا القول من الضلال ليس له مشيئة خلق بها الخلق، وأكثر من قال بهذا الفلاسفة الملحدون. ولما ذكر الإمام ابن القيم ما ورد في كتاب الله من الآيات والأحكام الدالة على مشيئته المطلقة، قال: «وهذه الآيات ونحوها تتضمن الرد على طائفتي الضلال نفاة المشيئة بالكلية ونفاة مشيئة أفعال العباد وحركاتهم وهداهم وضلالهم، وهو سبحانه تارة يخبر أن كل ما في الكون بمشيئته، وتارة أن ما لم يشأ لم يكن، وتارة أنه لو شاء لكان خلاف الواقع، وأنه لو شاء لكان خلاف القدر الذي قدره وكتبه، وأنه لو شاء ما عصي، وأنه لو شاء لجمع خلقه على الهدى وجعلهم أمة واحدة، فتضمن ذلك أن الواقع بمشيئته، وأن ما لم يقع فهو لعدم مشيئته، وهذا حقيقة الربوبية، وهو معنى كونه رب العالمين، وكونه القيوم القائم بتدبير عباده، فلا خلق ولا رزق ولا عطاء ولا منع ولا قبض ولا بسط ولا موت ولا حياة ولا إضلال ولا هدى ولا سعادة ولا شقاوة إلا بعد إذنه، وكل ذلك بمشيئته وتكوينه، إذ لا مالك غيره، ولا مدبر سواه، ولا رب غيره»([6]).

أما الفرقة الثانية فهم القدرية، وهؤلاء يقولون: إن الأفعال جارية على الإنسان، وهو مدبر لا حيلة له بها ولا قوة، وهو مثل الريشة في مهب الريح.

وعلى هذا القول الضال يبنون أن من عصى أمر الله فقد أطاع مشيئته بما قدره عليه من معصيته، وقد أخبر الله عن المشركين بقوله عز وجل: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا} [الأنعام: 841]. وقوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِين} [النحل: 53].

وفي هذا قال الإمام ابن القيم: “وأهل السنة جميعًا يقولون لو شاء الله ما أشرك به مشرك ولا كفر به كافر ولا عصاه أحد من خلقه، فكيف ينكر عليهم ما هم فيه صادقون؟ قيل: أنكر سبحانه عليهم ما هم فيه أكذب الكاذبين وأفجر الفاجرين، ولم ينكر عليهم صدقًا ولا حقًا، بل أنكر عليهم بطل الباطل، فإنهم لم يذكروا ما ذكروه إثباتًا لقدره وربوبيته ووحدانيته وافتقارًا إليه وتوكلًا عليه واستعانة به، ولو قالوا كذلك لكانوا مصيبين، وإنما قالوه معارضين لشرعه ودافعين به لأمره، فعارضوا شرعه وأمره ودفعوه بقضائه وقدره، ووافقهم على ذلك كل من عارض الأمر ودفعه بالقدر، وأيضًا فإنهم احتجوا بمشيئته العامة وقدره على محبته لما شاءه ورضاه به وإذنه فيه، فجمعوا بين أنواع من الضلال، معارضة الأمر بالقدر ودفعه به، والإخبار عن الله أنه يحب ذلك منهم ويرضاه حيث شاءه وقضاه، وأن لهم الحجة على الرسل بالقضاء والقدر”([7]).

قلت: وأهل الضلال حين يصادمون حقائق المشيئة يظنون أنهم حين ينشئون أفعالهم إنما ينشئونها بإرادتهم، وهذا غاية سوء فهمهم. صحيح أن للإنسان إرادة، فهو يتصرف قولًا أو فعلًا بفعل هذه الإرادة، ولكن إرادته هذه مسبوقة بمشيئة الخالق المنشئ الذي أوجده وأنشأه أصلًا من العدم إلى الوجود، وقد اقتضت هذه المشيئة أن تكون مشيئة المخلوق وإرادته محكومة بمشيئة المنشئ وإرادته، فإذا خالف هذه المشيئة منكرًا لها ظنًا منه أن مشيئته وإرادته غير محكومة بها تعرض للحساب والجزاء، وهذا هو معنى قول الله عز وجل: {بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَة * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَه}  [القيامة: 41-51]. أي سوف يشهد على فعله ولو حاول إنكاره.

أما أهل الإيمان فيؤمنون أنه ما من شيء حدث في الوجود أو يحدث فيه في الحال والمآل إلا بمشيئة الله وإرادته وقدره. كما يؤمنون أن العباد لا ينشئون أفعالهم إلا بمشيئة ربهم وإرادته؛ ذلك أنه عز وجل قد كتب في اللوح المحفوظ كل ما في الوجود ما كان فيه وما يكون، ومن ذلك خلقهم ورزقهم وسائر أعمالهم، كما قال عز ذكره: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين} [الأنعام: 95].

هذا من حيث عموم المشيئة بإيجاز. أما السـؤال عن قول البعض بأنه سـيفعل كذا وكذا ولا يسـتثني، أي لا يرد فعله إلى مشـيئة الله عـز وجل، فقد نهى الله عن ذلك (نهي تحـريم) في قوله عـز وجـل لنبيه ورسـوله محمد ﷺ: {وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ}  [الكهف: 23-24]. والمراد ألا تقول بأنك ستفعل في مستقبل زمانك شيئًا ترده إلى مشيئتك وحدك، بل ارجعه إلى مشيئة الله وحده؛ لأنه القادر على تيسيره لك، وقد نزلت هذه الآية حين قالت اليهود لقريش: سلوا محمدًا عن الروح، وعن رجل طواف في الأرض (يقصدون ذي القرنين)، وعن فتية لهم قصة غريبة (يقصدون أصحاب الكهف) فإن أخبركم عن هذا فهو نبي، وإلا فشأنكم به، وقد سألت قريش رسول الله r عما نصحهم به اليهود، فقال: (سأخبركم غدًا عما سألتم عنه) ولم يستثن، ولم يقل عليه الصلاة والسلام: (إن شاء الله)، فتأخر نزول الوحي مدة خمس عشرة ليلة، فحزن لذلك ثم نزل عليه الوحي بالجواب على الأسئلة الثلاثة([8]). ففي مسألة الروح قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلا} [الإسراء: 58]. وفي مسألة الفتية قال عز وجل: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ}  [الكهف: 31]. وفي مسألة ذي القرنين قال تعالى:  {وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 38].

وكما عاتب الله عز وجل رسوله r لعدم قوله (إن شاء الله)، فقد عاتب نبيه سليمان (عليه السلام) أيضًا على عدم قوله هذه الكلمة، بل كانت فتنته أشد وأعظم، ففي الصحيحين عن أبي هريرة t قال: إن رسول الله r قال: قال: سليمان بن داود نبي الله: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة. وفي رواية: على تسعين امرأة، تلد كل امرأة منهن غلامًا يقاتل في سبيل الله. فقال له الملك: قل إن شاء الله. فلم يقلها، فطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان، فقال رسول الله r (والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث، وكان دركًا في حاجته) وفي رواية أخرى: (ولجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون)([9]).

فاقتضى ما ذكر أنه يجب على المسلم إذا أراد أن يفعل شيئًا أن يقول: (سأفعل كذا إن شاء الله)، ولكنه قد ينسى أن يقول ذلك؛ لأن النسيان من طوارئ الشيطان، فالواجب عليه حينئذٍ أن يذكر ربه، كما قال تعالى في الآية:  {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 42]. وفي هذا الذكر عدة أقوال، منها ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن من نسي ذكر المشيئة عليه أن يستثنيَ إذا ذكر ذلك في أي وقت، وهذا يعني تأخير الاستثناء عن المستثنى منه، وقيل: إن المراد من قوله تعالى:  {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} أن الإنسان إذا نسي شيئًا وجب عليه ذكر الله؛ لأن النسيان من الشيطان.

 

والقول الراجح عند جمهور العلماء: إن هذه الآية متعلقة ومتممة للآية قبلها، فإذا قال المسلم أنه سيفعل في يوم غد كذا وكذا، ولم يقل: إن شاء الله ثم تذكر أنه نسيها وجب عليه أن يقول إن شاء الله([10]).

وخلاصة المسألة: أن كل أفعال العباد بمشيئة الله عز وجل، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن؛ ذلك أنه عز وجل خلق العباد بمشيئته وإرادته وحكمته، والمخلوق بهذه الصفة لا يقدر أن يفعل شيئًا إلا بمشيئة خالقه وإرادته، والأصل في وجوب رد الأفعال إلى مشيئة الله عز وجل الكتاب والسنة والمعقول.

وأهل الضلال فرقتان: فرقة نفت المشيئة عن العبد بالكلية وهم الجبرية. وفرقة بالغت في إثبات المشيئة للعبد وهم القدرية، وهم يرون أن الأحكام جارية على الإنسان وهو مدبر. أما أهل السنة والجماعة فيؤمنون أنه ما من شيء حدث في الكون أو يحدث فيه في الحال أو المآل إلا بمشيئة ربهم وإرادته وقدره. كما يؤمنون أن العباد أودع الله فيهم قدرًا من الاختيار والتصرف، لأجله يثابون، وعليه يحاسبون.

وقد نهى الله نهي تحريم أن يقول المسلم: سأفعل كذا وكذا. دون أن يرد فعله إلى مشيئة الله عز وجل، فالواجب إذًا أن يعلق المسلم ما سيفعله في مستقبل زمانه بمشيئة الله بقوله:  (إن شاء الله)، فإن نسي أن يقولها وجب عليه أن يقولها إذا ذكرها، كما قال عز وجل:  {وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 32-42].

([1]) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة، فتح الباري ج13 ص 455، برقم (7470).

([2]) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضاً، فتح الباري ج10 ص464، برقم(6027 )

([3]) سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج1 ص266، برقم (139).

([4]) سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني ج4 ص261، برقم (9861).

([5]) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج4 ص182، وج3 ص112، 257، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ج1 ص40، برقم (561).

([6]) شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل ص 99.

([7]) شفاء العليل ص 31.

([8]) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص70 – 71.

([9]) متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب كفارات الأيمان، باب الاستثناء وفي الأيمان، فتح الباري ج11 ص610، برقم)6720 (، ومسلم في كتاب الأيمان، باب الاستثناء، صحيح مسلم بشرح النووي ج7 ص4513 – 4515، برقم (4561).

([10])     تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبدالرحمن بن ناصر السعدي، ص474، وأضواء البيان لمحمد الأمين الشنقيطي، ج2 ص1374 .