سؤال الأخت (سيرين) من الجزائر حول من أفطر خطأ في رمضان، فأكل أو شرب ناسيًا:

حكم من أفطر خطأ في رمضان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فالأصل في هذا قول الله -عز وجل:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الأحزاب:5]، والأصل فيه أيضًا قول رسول الله فيما رواه أبو هريرة –رضي الله عنه-: (إذا أكل أحدكم أو شرب ناسيًا فإنما أطعمه الله وسقاه)([1])، وفي لفظ آخر: (من أكل أو شرب ناسيًا فإنما هو رزق رزقه الله)([2])، وعلى هذا فلا جناح على من أفطر في رمضان فأكل أو شرب ناسيًا غير متعمد، وقال بهذا جمع من الصحابة -رضوان الله عليهم- كما قال به الأئمة أبو حنيفة([3]) والشافعي([4]) وأحمد([5]). أما في مذهب الإمام مالك: فمن أكل أو شرب أو جامع سهوًا أو جهلًا بحرمة الشهر، وغير منتهك لحرمته وجب عليه القضاء دون الكفارة([6]).

قلت: الأصل في المسألة: أن من أكل أو شرب ناسيًا لا جناح عليه إن شاء الله، فمن رحمة الله وسماحة هذا الدين أن يرفع الله الحرج عن هذه الأمة، فلم يكلفها ما لا تستطيع، وعفا عن جهلها ونسيانها، ففي الآية الكريمة المشار إليها عفا الله عن خطئها ولم يكلفها إلا إذا تعمدت فعلها، كما عفا عن هذا الخطأ رسول الله ﷺ بقوله: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)([7]). فاقتضى هذا أنه ليس على من أكل أو شرب ناسيًا في نهار رمضان إثم، إذا كان ناسيًا غير متعمد لفعله.

خلاصة المسألة: ومن أفطر خطأً في رمضان جاهلًا أو ناسيًا فليتم صومه ولا قضاء عليه، وهذا هو الراجح في أقوال الفقهاء، لقول الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5].

والله -تعالى- أعلم.

 

([1]) أخرجه البخاري في كتاب الصيام إذا أكل أو شرب ناسيًا برقم (1933).

([2]) أخرجه الترمذي في كتاب أبواب الصلاة باب ما جاء في الرجل يسلم في الركعتين من الظهر والعصر برقم (399) ج2 ص248، صححه الألباني في صحيح الجامع، (٦٠٨٢).

([3]) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني ج2 ص91.

([4]) المهذب في فقه الإمام الشافعي للشيرازي ج1 ص182. وروضة الطالبين للإمام النووي ج2ص360.

([5]) المغني مع الشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص41-42.

([6]) أسهل المدارك للكشناوي ج1 ص418.

([7]) أخرجه ابن ماجة في كتاب الطلاق باب طلاق المكره والناسي برقم (245) ج1 ص659، صححه السيوطي في الجامع الصغير، (٤٤٤٥).