الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله الأمين، وعلى صحابته أجمعين، أما بعد :
فقد اختلف الفقهاء في قراءة القرآن للحائض، فاستدل من قال بتحريم قراءة الحائض للقرآن بحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن»([1])، وقد ضعّف بعض أهل العلم هذه الرواية، فلم يقطع بهذا الحديث على التحريم، والأصل أن دم الحيض من النجاسات مثل الجنابة ودم النفاس، فيجب التفريق بين أمرين :
الأمر الأول: أن قراءة القرآن بِمَسِّ المصحف تحرم على الحائض والجنب والنفساء، فلا خلاف في ذلك.
والأمر الثاني: قراءة القرآن لمن يحفظه عن ظهر قلب، فهذا لا بأس به، ولا حرج فيه-إن شاء الله-، ومثله: الاستماع له، فهذا جائز-أيضًا-، ولا حرج فيه-إن شاء الله-، فيبقى التحريم على القراءة بمس المصحف؛ لأن الله-عز وجل-قال: ﴿لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة:79)، فدل ذلك حكمًا على أن من كان جُنُبًا، أو من كانت حائضًا، أو كانت نفساء، يحرم عليهم مس المصحف حتى يطهروا .
فالحاصل جوابًا عن سؤال الأخت: أنه يجوز للحائض أن تقرأ القرآن عن ظهر قلب، أو تستمع له ممن يقرؤه، كل هذا لا حرج فيه -إن شاء الله-. والله – تعالى- أعلم .
[1] – أخرجه الترمذي (131)، وابن ماجه (595)، والدارقطني (1/117)، والبيهقي (1/89)، وهو حديث ضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية (21/460): “وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث”. أ.هـ، وينظر: نصب الراية 1/195، والتلخيص الحبير 1/183.